Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 27-29)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم } ذكر أهل التفسير أن سبب نزولها أن امرأة من الانصار جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ، إني اكون في بيتي على حال لا أحب أن يراني عليها أحد ، فلا يزال يدخل علي رجل من أهلي ، فنزلت هذه الآية . فقال ابو بكر بعد نزولها : يا رسول الله ، أفرأيت الخانات والمساكن التي ليس فيها ساكن ، فنزل قوله : { ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونة } الآية . ومعنى قوله : { لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم } أي : بيوتاً ليست لكم . واختلف القراء في باء البيوت ، فقرأ بعضهم بضمها وبعضهم بكسرها ، وقد بينا ذلك في [ البقرة : 189 ] . قوله تعالى : { حتى تستأنسوا } قال الفراء : في الكلام تقديم وتأخير ، تقديره : حتى تسلموا وتستأنسوا . قال الزجاج : { وتستأنسوا } في اللغة بمعنى : تستأذنوا وكذلك هو في التفسير ، والاستئذان : الاستعلام ، تقول : آذنته بكذا ، أي : أعلمته ، وآنست منه كذا ، أي : علمت منه ، ومثله : { فان آنستم منهم رشداً } [ النساء : 6 ] أي : علمتم . فمعنى الآية : حتى تستعلموا ، يريد أهلها ان تدخلوا ام لا . قال المفسرون : وصفة الاستعلام أن تقول : السلام عليكم ، أأدخل ؟ ولا يجوز أن تدخل بيت غيرك إلا بالاستئذان لهذه الآية ، { ذلكم خير لكم } من أن تدخلوا بغير إذن { لعلكم تذكرون } أن الاستئذان خير فتأخذون به ، قال عطاء : قلت لابن عباس : أستأذن على أمي وأختي ونحن في بيت واحد ؟ قال : أيسرُّكَ أن ترى منهن عورة ، قلت : لا قال : فاستأذن . قوله تعالى : { فان لم تجدوا فيها احداً } أي : إن وجدتموها خالية ، { فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا } أي : إن ردوكم فلا تقفوا على أبوابهم وتلازموها ، { هو أزكى لكم } يعني : الرجوع خير لكم وأفضل { والله بما تعملون } من الدخول باذن وغير إذن { عليم } . فصل وهل هذه الآية منسوخة أم لا ؟ فيها قولان . أحدهما : أن حكمها عام في جميع البيوت ، ثم نسخت منها البيوت التي ليس لها أهل يستأذنون بقوله تعالى : { ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونة } هذا مروي عن الحسن ، وعكرمة . والثاني : أن الآيتين محكمتان ، فالاستئذان شرط في الأولى إذا كان للدار أهل ، والثانية وردت في بيوت لا ساكن لها ، والإذن لا يتصور من غير آذن ، فاذا بطل الاستئذان لم تكن البيوت الخالية داخلة في الأولى ، وهذا أصح . قوله تعالى : { أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونة } فيها خمسة اقوال . أحدها : أنها الخانات والبيوت المبنية للسابلة ليأووا إليها ، ويؤووا أمتعتهم ، قاله قتادة . والثاني : أنها البيوت الخربة ، والمتاع : قضاء الحاجة فيها من الغائط والبول ، قاله عطاء . والثالث : أنها بيوت مكة ، قاله محمد بن الحنفية . والرابع : حوانيت التجار التي بالأسواق ، قاله ابن زيد . والخامس : أنها جميع البيوت التي لا ساكن لها ، لأن الاستئذان إنما جعل لأجل الساكن ، قاله ابن جريج . فيخرّج في معنى { المتاع } ثلاثة أقوال . أحدهما : الأمتعة التي تباع وتشترى . والثاني : إلقاء الأذى من الغائط والبول . والثالث : الانتفاع بالبيوت لاتقاء الحر والبرد .