Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 58-60)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الذين مَلَكَتْ أيمانُكم } في سبب نزولها قولان . أحدهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجَّه غلاماً من الأنصار يقال له : مُدْلج بن عمرو إِلى عمر بن الخطاب وقت الظهيرة ليدعوه ، فدخل فرأى عمر على حالة كره عمرُ رؤيتَه عليها ، فقال : يا رسول الله ، وددتُ لو أن الله أمرنا ونهانا في حال الاستئذان ، فنزلت هذه الآية ، قاله ابن عباس . والثاني : أن أسماء بنت مرثد كان لها غلام ، فدخل عليها في وقت كرهتْه ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : إِنَّ خدمنا وغلماننا يدخلون علينا في حالة نكرهها ، فنزلت هذه الآية ، قاله مقاتل . ومعنى الآية : ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم ؛ وفيهم قولان . أحدهما : أنه أراد الذكور دون الإِناث ، قاله ابن عمر . والثاني : الذكور والإِناث ، رواه أبو حصين عن أبي عبد الرحمن . ومعنى الكلام : ليستأذنكم مماليككم في الدخول عليكم . قال القاضي أبو يعلى : والأظهر أن يكون المراد : العبيد الصغار والإِماء الصغار ، لأن العبد البالغ بمنزلة الحر البالغ في تحريم النظر إلى مولاته ، فكيف يضاف إِلى الصبيان الذين هم غير مكلفين ؟ ! قوله تعالى : { والذين لم يبلغوا الحُلُم } وقرأ عبد الوارث : { الحُلْم } باسكان اللام { منكم } أي : من أحراركم من الرجال والنساء ، { ثلاث مرات } أي : ثلاثة أوقات ؛ ثم بيَّنها فقال : { من قبل صلاة الفجر } وذلك لأن الإِنسان قد يَبِيت عُرياناً ، أو على حالة لا يحب أن يُطَّلع عليه فيها { وحين تضعون ثيابكم من الظَّهيرة } أي : القائلة { ومن بعد صلاة العشاء } حين يأوي الرجل إِلى زوجته . { ثلاثُ عَوْرات } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وحفص عن عاصم : { ثلاثُ عورات } برفع الثاء من { ثلاث } ، والمعنى : هذه الأوقات هي ثلاث عورات ، لأن الإِنسان يضع فيها ثيابه ، فربما بدت عورته . وقرأ حمزة ، والكسائي ، وأبو بكر عن عاصم : { ثلاثَ عورات } بنصب الثاء ؛ قال أبو علي : وجعلوه بدلاً من قوله : { ثلاثَ مَرَّات } والأوقات ليست عورات ، ولكن المعنى : أنها أوقات ثلاث عورات ، فلما حذف المضاف أعرب [ باعراب المحذوف ] . وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي ، وسعيد بن جبير ، والأعمش : { عَوَرات } بفتح الواو ، { ليس عليكم } يعني : المؤمنين الأحرار { ولا عليهم } يعني : الخدم والغلمان { جُنَاح } أي : حرج { بَعْدَهُنَّ } أي : بعد مُضي هذه الأوقات ، أن لا يستأذنوا . فرفع الحرج عن الفريقين ، { طَوَّافُون عليكم } أي : هم طوافون عليكم { بعضُكم على بعض } أي : يطوف بعضكم وهم المماليك على بعض وهم الأحرار . فصل وأكثر علماء المفسرين على أن هذه الآية محكمة ، وممن روي عنه ذلك ابن عباس ، والقاسم بن محمد ، وجابر بن زيد ، والشعبي . وحكي عن سعيد بن المسيب أنها منسوخة بقوله : { وإِذا بلغ الأطفال منكم الحُلُم فليستأذِنوا } ؛ والأول أصح ، لأن معنى هذه الآية : وإِذا بلغ الأطفال منكم ، أو من الأحرار الحلم ، فليستأذنوا ، أي : في جميع الأوقات في الدخول عليكم { كما استأذن الذين مِنْ قَبْلهم } يعني : كما استأذن الأحرار الكبار ، الذين هم قبلهم في الوجود ، وهم الذين أُمروا بالاستئذان على كل حال ؛ فالبالغ يستأذن في كل وقت ، والطفل والمملوك يستأذنان في العورات الثلاث . قوله تعالى : { والقواعدُ من النِّساء } قال ابن قتيبة : يعني : العُجْزَ ، واحدها : قاعدٌ ، ويقال : إِنما قيل لها : قاعدٌ ، لقعودها عن الحيض والولد ، وقد تقعد عن الحيض والولد ومِثْلُها يرجو النكاح ، ولا أُراها سميتْ قاعداً إِلا بالقعُود ، لأنها إِذا أسَنَّتْ عجزتْ عن التصرُّف وكثرة الحركة ، وأطالت القعود ، فقيل لها : « قاعد » بلا هاء ، ليدلّ حذف الهاء على أنه قعود كِبَر ، كما قالوا : « امرأةٌ حاملٌ » ، ليدلُّوا بحذف الهاء على أنه حمل حَبَل ، وقالوا في غير ذلك : قاعدةٌ في بيتها ، وحاملةٌ على ظَهرها . قوله تعالى : { أن يَضَعْنَ ثيابهُنَّ } أي : عند الرجال ؛ ويعني بالثياب : الجلباب والرداء والقناع الذي فوق الخِمار ، هذا المراد بالثياب ، لا جميع الثياب ، { غيرَ متبرِّجاتٍ بزِينَةٍ } أي : من غير أن يُرِدْنَ بوضع الجِلباب أن تُرى زينتُهن ، والتبرُّج : إِظهار المرأة محاسنها ، { وأن يَسْتَعْفِفْنَ } فلا يَضَعْنَ تلك الثياب { خَيْرٌ لَهُنَّ } ، قال ابن قتيبة : والعرب تقول : امرأةٌ واضعٌ : إِذا كبِرتْ فوضعت الخِمار ، ولا يكون هذا إِلا في الهرِمة . قال القاضي أبو يعلى : وفي هذه الآية دلالة على أنه يُباح [ للعجوز ] كشف وجهها ويديها بين يدي الرجال ، وأما شعرها ، فيحرم النظر إِليه كشعر الشابَّة .