Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 61-61)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ليس على الأعمى حَرَجٌ } في سبب نزولها خمسة أقوال . أحدها : أنه لمّا نزل قوله تعالى : { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } [ النساء : 29 ] تحرَّج المسلمون عن مؤاكلة المرضى والزَّمنى والعُمْي والعُرْج ، وقالوا : الطعام أفضل الأموال ، وقد نهى الله تعالى عن أكل المال بالباطل ، والأعمى لا يُبْصِر موضع الطعام الطيِّب ، والمريض لا يستوفي الطعام ، فنزلت هذه الآية ، قاله ابن عباس . والثاني : أن ناساً كانوا إِذا خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وضعوا مفاتيح بيوتهم عند الأعمى والأعرج والمريض وعند أقاربهم ، وكانوا يأمرونهم أن يأكلوا مما في بيوتهم إِذا احتاجوا ، فكانوا يَتَّقون أن يأكُلوا منها ، ويقولون : نخشى أن لا تكون أنفُسُهم بذلك طيِّبة ، فنزلت هذه الآية ، قاله سعيد بن المسيب . والثالث : أن العُرجان والعُميان كانوا يمتنعون عن مؤاكلة الأصحاء ، لأن الناس يتقذَّرونهم ، فنزلت هذه الآية ، قاله سعيد بن جبير ، والضحاك . والرابع : أن قوماً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا إِذا لم يكن عندهم ما يُطعمون المريض والزَّمِن ، ذهبوا به إِلى بيوت آبائهم وأُمهاتهم وبعض من سمَّى اللّهُ عز وجل في هذه الآية ، فكان أهل الزمَّانَة يتحرَّجون من أكل ذلك الطعام لأنه أطعمهم غير مالكه ، فنزلت هذه الآية ، قاله مجاهد . والخامس : أنها نزلت في إِسقاط الجهاد عن أهل الزمَّانَة المذكورين في الآية ، قاله الحسن ، وابن زيد . فعلى القول الأول يكون معنى الآية : ليس عليكم في الأعمى حرج أن تأكلوا معه ، ولا في الأعرج ، وتكون « على » بمعنى « في » ، ذكره ابن جرير . وكذلك يخرَّج [ معنى الآية ] على كل قول بما يليق به . وقد كان جماعة من المفسرين يذهبون إلى أن آخر الكلام { ولا على المريض حرج } وأن ما بعده مستأنَف لا تعلُّق له به ، وهو يقوِّي قول الحسن ، وابن زيد . قوله تعالى : { أن تأكُلوا من بيوتكم } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : أنها بيوت الأولاد . والثاني : البيوت التي يسكنونها وهم فيها عيال غيرهم ، فيكون الخطاب لأهل الرجل وولده وخادمه ، ومَن يشتمل عليه منزله ، ونسبها إِليهم لأنهم سكّانها . والثالث : أنها بيوتهم والمراد أكلُهم من مال عيالهم وأزواجهم ، لأن بيت المرأة كبيت الرجل . وإِنما أباح الأكل من بيوت القرابات المذكورين ، لجريان العادة ببذل طعامهم لهم ؛ فإن كان الطعام وراء حِرْزٍ ، لم يجز هتك الحرز . قوله تعالى : { أو مَا مَلَكْتُمْ مفاتحه } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : أنه الوكيل ، لا بأس أن يأكل اليسير ، وهو معنى قول ابن عباس . وقرأها سعيد بن جبير ، وأبو العالية : { مُلِّكْتُمْ } بضم الميم وتشديد اللام مع كسرها على ما لم يسمَّ فاعله ، وفسَّرها سعيد فقال : يعني القهرمان الذي بيده المفاتيح . وقرأ أنس بن مالك ، وقتادة ، وابن يعمر { مِفْتَاحَه } بكسر الميم على التوحيد . والثاني : بيت الإِنسان الذي يملكه ، وهو معنى قول قتادة . والثالث : بيوت العبيد ، قاله الضحاك . قوله تعالى : { أو صَدِيقِكُمْ } قال ابن عباس : نزلت هذه في الحارث بن عمرو ، خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غازياً ، وخلَّف مالك بن زيد على أهله ، فلما رجع وجده مجهوداً ، فقال : تحرَّجْتُ أن آكل من طعامك بغير إِذنك ، فنزلت هذه الآية . وكان الحسن وقتادة يريان الأكل من طعام الصَّديق بغير استئذان جائزاً . قوله تعالى : { ليس عليكم جُنَاحٌ أن تأكُلوا جميعاً } في سبب نزول هذه [ الآية ] ثلاثة أقوال . أحدها : أن حيّاً من بني كنانة يقال لهم : بنو ليث كانوا يتحرَّجون أن يأكل الرجل الطعام وحده ؛ فربما قعد الرجل والطعام بين يديه من الصباح إِلى الرَّواح ، فنزلت هذه الآية ، قاله قتادة والضحاك . والثاني : أن قوماً من الأنصار كانوا لا يأكلون إِذا نزل بهم ضيف إِلا مع ضيفهم ، فنزلت هذه الآية ، ورخِّص لهم أن يأكلوا جميعاً أو أشتاتاً ، قاله عكرمة . والثالث : أن المسلمين كانوا يتحرَّجون من مؤاكلة أهل الضُّرِّ خوفاً من أن يستأثروا عليهم ، ومن الاجتماع على الطعام ، لاختلاف الناس في مآكلهم وزيادةِ بعضهم على بعض ، فوسِّع عليهم ، وقيل : { ليس عليكم جُناح أن تأكُلوا جميعاً } أي : مجتمعين { أو أشتاتاً } أي : متفرِّقين ، قاله ابن قتيبة . قوله تعالى : { فإذا دخلتم بيوتاً } فيها ثلاثة أقوال . أحدها : أنها بيوت أنفسكم ، فسلِّموا على أهاليكم وعيالكم ، قال جابر بن عبد الله ، وطاووس ، وقتادة . والثاني : أنها المساجد ، فسلِّموا على مَنْ فيها ، قاله ابن عباس . والثالث : بيوت الغير ؛ فالمعنى : إِذا دخلتم بيوت غيركم فسلِّموا عليهم ، قاله الحسن . قوله تعالى : { تحيةً } قال الزجاج : هي منصوبة على المصدر ، لأن قوله : { فسلِّموا } بمعنى : فحيُّوا وَلْيُحَيِّ بعضكم بعضاً تحيَّةً ، { من عند الله } قال مقاتل : مباركة بالأجر ، { طيبةً } أي : حسنة .