Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 32-35)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { أَفْتُوني في أمري } أي : بيِّنوا لي ما أفعل ، وأشيروا عليَّ . قال الفراء : جعلت المشورة فُتْيا ، وذلك جائز لسَعة اللغة . قوله تعالى : { ما كنتُ قاطعةً أمراً } أي : فاعلته { حتى تَشْهَدُون } أي : تَحْضُرون ؛ والمعنى : إِلا بحضوركم ومشورتكم . { قالوا نحن أولُوا قُوَّة } فيه قولان . أحدهما : أنهم أرادوا القُوَّة في الأبدان . والثاني : كثرة العدد والبأس والشجاعة في الحرب . وفيما أرادوا بذلك القول قولان . أحدهما : تفويض الأمر إِلى رأيها . والثاني : تعريض منهم بالقتال إِن أمرتْهم . ثم قالوا : { والأمر إِليكِ } أي : في القتال وتركه . { قالت إِن الملوك إِذا دخلوا قرية } قال الزجاج : المعنى : إِذا دخلوها عَنْوة عن قتال وغَلَبة . قوله تعالى : { أفسَدوها } أي : خرَّبوها { وجعلوا أعِزَّة أهلها أذلَّة } أي : أهانوا أشرافها ليستقيم لهم الأمر . ومعنى الكلام : أنها حذَّرتْهم مسير سليمان إِليهم ودخوله بلادها . قوله تعالى : { وكذلك يَفْعَلون } فيه قولان . أحدهما : أنه من تصديق الله تعالى ، لقولها ، قاله الزجاج . والثاني : من تمام كلامها ؛ والمعنى : وكذلك يفعل سليمان وأصحابه إِذا دخلوا بلادنا ، حكاه الماوردي . قوله تعالى : { وإِنِّي مُرْسِلة إِليهم بهديَّة } قال ابن عباس : إِنما أرسَلَت الهديَّة لتعلم أنه إِن كان نبيّاً لم يُرِد الدُّنيا ، وإِن كان مَلِكاً فسيرضى بالحَمْل ، وأنها بعثت ثلاث لَبِنات مِنْ ذهب في كل لَبِنة مائة رطل ؛ وياقوتةً حمراء طولها شِبر مثقوبة ، وثلاثين وصيفاً وثلاثين وصيفة ، وألبستْهم لباساً واحداً حتى لا يُعرف الذكر من الأنثى ، ثم كتبتْ إِليه : إِنِّي قد بعثتُ إِليكَ بهديَّة فاقبلها ، وبعثتُ إِليكَ بياقوتة طولها شبر ، فأدخل فيها خيطاً واختِم على طرفي الخيط بخاتَمك ، وقد بعثت إِليك ثلاثين وصيفاً وثلاثين وصيفة ، فميِّز بين الجواري والغِلمان ؛ فجاء أمير الشياطين فأخبره بما بعثتْ إِليه ، فقال له : انطلق فافرش على طريق القوم من باب مجلسي ثمانية أميال في ثمانية أميال [ لَبِناً ] من الذهب ؛ فانطلق ، فبعث الشياطين ، فقطعوا اللَّبِن من الجبال وطلَوه بالذهب وفرشوه ، ونصبوا في الطريق أساطين الياقوت الأحمر ، فلمّا جاء الرُّسُل ، قال بعضهم لبعض : كيف تدخُلون على هذا الرجل بثلاث لَبِنات ، وعنده ما رأيتم ؟ ! فقال رئيسهم : إِنما نحن رُسُل ، فدخلوا عليه ، فوضعوا اللَّبِن بين يديه ، فقال : أتُمِدُّنني بمال ؟ ثم دعا ذَرَّةً فربط فيها خيطاً وأدخلها في ثَقْب الياقوتة حتى خرجت من طرفها الآخر ، ثم جمع بين طرفي الخيط فختم عليه ودفعها إِليهم ، ثم ميَّز بين الغِلمان والجواري ، هذا كلُّه مرويّ عن ابن عباس . وقال مجاهد : جعلت لباس الغِلمان للجواري ولباس الجواري للغلمان ، فميَّزهم ولم يقبل هديَّتها . وفي عدد الوصائف والوُصفاء خمسة أقوال . أحدها : ثلاثون وصيفاً وثلاثون وصيفة ، وقد ذكرناه عن ابن عباس . والثاني : خمسمائة غلام وخمسمائة جارية ، قاله وهب . والثالث : مائتا غلام ومائتا جارية ، قاله مجاهد . والرابع : عشرة غلمان وعشر جوارٍ ، قاله ابن السائب . والخامس : مائة وصيف ومائة وصيفة ، قاله مقاتل . وفي ما ميَّزهم به ثلاثة أقوال . أحدها : أنه أمرهم بالوضوء ، فبدأ الغلام من مرفقه إِلى كفِّه ، وبدأت الجارية من كفّها إِلى مرفقها ، فميَّزهم بذلك ، قاله سعيد بن جبير . والثاني : أن الغِلمان بدؤوا بغَسْل ظُهور السَّواعد قبل بُطونها ، والجواري على عكس ذلك ، قاله قتادة . والثالث : أن الغلام اغترف بيده ، والجارية أفرغت على يدها ، قاله السدي . وجاء في التفسير : أنها أمرت الجواري أن يكلِّمن سليمان بكلام الرجال ، وأمرت الرجال أن يكلِّموه كلام النساء ، وأرسلت قَدَحاً تسأله أن يملأها ماءً ليس من [ ماء ] السماء ولا من ماء الأرض ، فأجرى الخيل وملأه من عرقها . قوله تعالى : { فناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ المُرْسَلون } أي : بقَبُول أم بِردّ . قال ابن جرير : وأصل « بِمَ » : بما ، وإِنما أُسقطت الألف لأن العرب إِذا كانت « ما » بمعنى « أيّ » ثم وصلوها بحرف خافض ، أسقطوا ألفها ، تفريقاً بين الاستفهام والخبر ، كقوله تعالى : { عَمَّ يتساءلون } ؟ [ النبأ : 1 ] و { قالوا فيم كنتم } ؟ [ النساء : 97 ] ، وربما أثبتوا فيها الألف كما قال الشاعر :