Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 41-44)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { قال نكِّروا لها عرشها } قال المفسرون : خافت الشياطين أن يتزوج سليمان بلقيس ، فتُفشي إِليه أسرار الجن ، لأن أُمَّها كانت جِنِّية ، فلا ينفكُّون من تسخير سليمان وذرِّيَّته بعده ، فأساؤوا الثناء عليها وقالوا : إِن في عقلها شيئاً ، وإِن رجلها كحافر الحمار ، فأراد سليمان [ أن ] يختبر عقلها بتنكير عرشها ، وينظر إِلى قدميها ببناء الصرح . قال ابن قتيبة : ومعنى { نكِّروا } : غيِّروا ، يقال : نكَّرت الشيء فتنكَّر ، أي : غيَّرتُه فتغيَّر . وللمفسرين في كيفية تغييره ستة أقوال . أحدها : أنه زِيد فيه ونقص منه ، رواه العوفي عن ابن عباس . والثاني : أنهم جعلوا صفائح الذهب التي كانت عليه مكان صفائح الفضة ، وصفائح الفضة مكان صفائح الذهب ، والياقوتَ مكان الزَّبَرْجَد ، والدُّرَّ مكان اللؤلؤ ، وقائمتَي الزَّبَرْجَد مكان قائمتَي الياقوت ، قاله ابن عباس أيضاً . والثالث : أنهم نزعوا ما عليه من فصوصه وجواهره ، روي عن ابن عباس أيضاً . والرابع : أنهم جعلوا ما كان منه أحمرَ أخضرَ ، وما كان أخضر أحمر ، قاله مجاهد . والخامس : أنهم جعلوا أسفله أعلاه ، ومُقَدَّمه مُؤخَّره ، وزادوا فيه ، ونقصوا منه ، قاله قتادة . والسادس : أنهم جعلوا فيه تماثيل السَّمك ، قاله أبو صالح . وفي قوله { كأنّه هو } قولان . أحدهما : أنها لمَّا رأته جعلت تَعْرِف وتُنْكِر ، ثم قالت في نفسها : من أين يَخْلُص إِلى ذلك وهو في سبعة أبيات والحرس حوله ؟ ! ثم قالت : كأنه هو ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . وقال قتادة : شبَّهتْه بعرشها . وقال السدي : وجدت فيه ما تعرفه فلم تُنْكِر ، ووجدت فيه ما تُنْكِره فلم تُثْبِت ، فلذلك قالت : كأنه هو . والثاني : أنَّها عرفتْه ، ولكنها شبَّهتْ عليهم كما شبَّهوا [ عليها ] ، فلو أنهم قالوا : هذا عرشكِ ، لقالت : نعم ، قاله مقاتل . قال المفسرون : فقيل لها : فانه عرشكِ ، فما أغنى عنكِ إِغلاق الابواب ؟ ! وفي قوله : { وأُوتينا العِلْم } ثلاثة أقوال . أحدها : أنه قول سليمان ، قاله مجاهد . ثم في معناه قولان . أحدهما : وأُوتينا العِلْم بالله وقدرته على ما يشاء من قبل هذه المرأة . والثاني : أُوتينا العِلْم باسلامها ومجيئها طائعة من قبل مجيئها وكُنَّا مُسْلِمِين لله . والقول الثاني : انه من قول بلقيس ، فانها لمّا رأت عرشها ، قالت : قد عرفتُ هذه الآية ، وأُوتينا العِلْم بصِحَّة نبوَّة سليمان بالآيات المتقدِّمة ، تعني أمر الهدهد والرُّسُلِ التي بُعثت من قَبْل هذه الآية ، وكُنَّا مُسْلِمِين منقادِين لأمركَ قبل أن نجىء . والثالث : أنه من قول قوم سليمان ، حكاه الماوردي . قوله تعالى : { وصدَّها ما كانت تعبُد مِنْ دون الله } قال الفراء : معنى الكلام : هي عاقلة ، إِنَّما صدَّها عن عبادة الله عبادتُها الشمس والقمر ، وكان عادةً من دين آبائها ؛ والمعنى : وصدَّها أن تعبُد الله ما كانت تعبد ، قال : وقد قيل : صدَّها سليمانُ ، أي : منعها ما كانت تعبُد . قال الزجاج : المعنى : صدَّها عن الإِيمان العادةُ التي كانت عليها ، لأنها نشأت ولم تعرِف إِلا قوماً يعبُدون الشمس ، وبيَّن عبادتها بقوله : { إِنَّها كانت من قوم كافرين } وقرأ سعيد بن جبير ، وابن أبي عبلة : { أنَّها كانت } بفتح الهمزة . قوله تعالى : { قيل لها ادخُلي الصَّرْحَ } قال المفسرون : أمر الشياطين فبنَوا له صرحاً كهيئة السطح من زجاج . وفي سبب أمره بذلك ثلاثة أقوال . أحدها : أنه أراد أن يريَها مُلكاً هو اعزُّ من مُلكها ، قاله وهب بن منبِّه . والثاني : أنه أراد أن ينظر إِلى قدمها من غير أن يسألها كشفها ، لأنه قيل له إِن رجلها كحافر الحمار ، فأمر ان يُهيَّأ لها بيت من قوارير فوق الماء ، ووُضع سرير سليمان في صدر البيت ، هذا قول محمد بن كعب القرظي . والثالث : أنه فعل ذلك ليختبرها كما اختبرته بالوصائف والوصفاء ، ذكره ابن جرير . فأمّا الصَّرْح فقال ابن قتيبة : هو القصر ، وجمعه : صُروح ، ومنه قول الهذليِّ : @ [ على طُرُقٍ كنحور الرِّكا بِ ] تَحْسَبُ أعلامَهنَّ الصُّروحا @@ قال : ويقال : الصَّرْحُ بلاطٌ اتُّخِذ لها من قَوارير ، وجُعل تحتها ماءٌ وسمك . قال مجاهد : كانت بِركة من ماء ضرب عليها سليمان قوارير . وقال مقاتل : كان قصراً من قوارير بني على الماء ، وتحته السَّمك . قوله تعالى : { حَسِبَتْه لُجَّةً } وهي : مُعْظَم الماء { وكَشَفَتْ عن ساقَيْها } لدخول الماء ، فناداها سليمان { إِنَّه صَرْحٌ مُمَرَّدٌ } أي : مملَّسٌ { مِنْ قَوارير } أي : من زُجاج ؛ فعلمتْ حينئذ أن مُلك سليمان من الله تعالى ، فـ { قالت ربِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسي } أي : بعبادة غيرك . وقيل : ظنَّت في سليمان أنه يريد تغريقها في الماء ، فلمَّا علمتْ أنه صَرْح ممرَّد قالت : ربِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نفسي بذلك الظَّنِّ ، وأسلمتُ مع سليمان ، ثم تزوجها سليمان . وقيل : إِنه ردَّها إِلى مملكتها وكان يزورها في كل شهر مرة ويقيم عندها ثلاثة أيام ، وأنها ولدت منه ، وقيل : إِنه زوَّجها ببعض الملوك ولم يتزوجها هو .