Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 76-82)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّ هذا القرآنَ يَقُصُّ على بني إِسرائيل } وذلك أن أهل الكتاب اختلفوا فيما بينهم ، فصاروا أحزاباً يطعن بعضهم على بعض ، فنزل القرآن ببيان ما اختلفوا فيه ، فلو أخذوا به لسلموا . { إِنَّ ربِّكَ يقضي بينهم } يعني بين بني إِسرائيل { بِحُكْمِهِ } وقرأ أبو المتوكل ؛ وأبو عمران الجوني ، وعاصم الجحدري : { بِحِكَمِه } بكسر الحاء وفتح الكاف . قوله تعالى : { إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الموتى } الموتى قال المفسرُون : هذا مَثَلٌ ضربه الله للكفار فشبَّههم بالموتى . قوله تعالى : { ولا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ } وقرأ ابن كثير : { ولا يَسْمَعُ الصُّمُّ } بفتح ميم { يَسْمَعُ } وضم ميم { الصُّمُّ } . قوله تعالى : { إِذا ولَّوا مُدْبِرِينَ } أي : أن الصُّم إِذا أدبروا عنك ثم ناديتَهم لم يسمعوا ، فكذلك الكافر { وما أنتَ بِهَادِ العُمْيِ } أي : [ ما أنت ] بمرشِد من أعماه الله عن الهدى ، { إِنْ تُسْمِعُ } إِسماع إِفهام { إِلاّ مَنْ يُؤْمِنُ بآياتنا } . قوله تعالى : { وإِذا وَقَعَ القَوْلُ عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض } { وقع } بمعنى « وجب » . وفي المراد بالقول ثلاثة أقوال . أحدها : العذاب ، قاله ابن عباس . والثاني : الغضب ، قاله قتادة . والثالث : الحُجَّة ، قاله ابن قتيبة . ومتى ذلك ؟ فيه قولان . أحدهما : إِِذا لم يأمروا بمعروف ، ولم ينهَوا عن منكر ، قاله ابن عمر ، وأبو سعيد الخدري . والثاني : إِذا لم يُرج صلاحُهم ، حكاه أبو سليمان الدمشقي ، وهو معنى قول أبي العالية . والإِشارة بقوله : { عليهم } إِلى الكفار الذين تخرج الدابَّة عليهم . وللمفسرين في صفة الدابَّة أربعة أقوال . أحدها : أنها ذات وبر وريش ، رواه حذيفة بن اليمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال ابن عباس : ذات زغب وريش لها أربع قوائم . والثاني : أن رأسها رأس ثور ، وعينها عين خنزير ، وأذنها أذن فيل ، وقرنها قرن إِيَّل ، وصدرها صدر أسد ، ولونها لون نمر ، وخاصرتها خاصرة هرٍّ ، وذنبها ذنب كبش ، وقوائمها قوائم بعير ، بين كل مَفصِلين اثنا عشر ذراعاً ، رواه ابن جريج عن أبي الزبير . والثالث : أن وجهها وجه رجل ، وسائر خَلْقها كخَلْق الطَّير ، قاله وهب . والرابع : أن لها أربع قوائم وزغباً وريشاً وجناحين ، قاله مقاتل . وفي المكان الذي تخرج منه خمسة أقوال . أحدها : من الصفا . روى حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم [ أنه ] قال : " بينما عيسى يطوف بالبيت ومعه المسلمون ، تضطرب الأرض تحتهم ، وينشقُّ الصَّفا مِمَّا يلي المسعى ، وتخرج الدابَّة من الصَّفا ، أول ما يبدو منها رأسها ، ملمَّعةٌ ذاتُ وَبَر وريش ، لن يدركها طالب ، ولن يفوتها هارب " وفي حديث آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " طولها ستون ذراعاً " ، وكذلك قال ابن مسعود : تخرج من الصفا . وقال ابن عمر : تخرج من صدع في الصفا كجري الفرس ثلاثة أيام وما خرج ثلثها . وقال عبد الله بن عمر : تخرج الدابَّة فيَمَسُّ رأسها السحاب ورِجلاها في الأرض ما خرجتا . والثاني : أنها تخرج من شِعْب أجياد ، روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن ابن عمر مثله . والثالث : تخرج من بعض أودية تهامة ، قاله ابن عباس . والرابع : من بحر سَدوم ، قاله وهب بن منبّه . والخامس : أنها تخرج بتهامة بين الصًَّفا والمروة ، حكاه الزجّاج . وقد روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " تخرج الدابَّة معها خاتم سليمان ، وعصا موسى ، فتجلو وجه المؤمن بالعصا وتحطم أنف الكافر بالخاتم ، حتى إِن أهل البيت ليجتمعون ، فيقول هذا : يا مؤمن ، ويقول هذا : يا كافر " وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " تَسِم المؤمن بين عينيه وتكتب بين عينيه : مؤمن ، وتَسِم الكافر بين عينيه وتكتب بين عينيه : كافر ، وتصرخ ثلاث صرخات يسمعُها مَنْ بين الخافِقَين " وقال حُذيفة بن أسِيد : إِن للدابه ثلاث خرجات ، خرجة في بعض البوادي ثم تنكتم ، وخرجة في بعض القرى ثم تنكتم ، فبينما الناس عند أشرف المساجد - يعني المسجد الحرام - إِذ ارتفعت الأرض ، فانطلق الناس هِراباً ، فلا يفوتونها ، حتى إِنَّها لتأتي الرجل وهو يصلِّي ، فتقول : أتتعوَّذ بالصلاة ، والله ما كنت مِنْ أهل الصَّلاة ، فتَخْطِمُه ، وتجلو وجه المؤمن . وقال عبد الله بن عمرو : إِنها تَنْكُتُ في وجه الكافر نُكْتَةً سوداء فتفشو في وجهه فيسودُّ وجهُه ، وتَنْكُتُ في وجه المؤمن نُكْتَةً بيضاء فتفشو في وجهه حتَّى يبيضَّ وجهه ، فيعرف الناس المؤمن والكافر ، ولَكَأنِّي بها قد خرجت في عقب ركب من الحاج . قوله تعالى : { تُكلِّمُهم } قرأ الأكثرون بتشديد اللام ، فهو من الكلام . وفيما تكلِّمهم به ثلاثة أقوال . أحدها : أنها تقول لهم : إِنَّ الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ، قاله قتادة . والثاني : تكلِّمهم ببطلان الأديان سوى دين الاسلام ، قاله السدي . والثالث : تقول : هذا مؤمن ، وهذا كافر ، حكاه الماوردي . وقرأ ابن أبي عبلة ، والجحدري : بتسكين الكاف وكسر اللام [ وفتح التاء ] ، فهو [ من ] الكَلْم ؛ قال ثعلب : والمعنى : تجرحهم . وسئل ابن عباس عن القراءتين ، فقال : كل ذلك والله تفعله ، تُكلِّم المؤمن ، وتَكْلِم الفاجر والكافر ، أي : تجرحه . قوله تعالى : { أَنَّ الناس } قرأ عاصم ، وحمزة ، والكسائي بفتح الهمزة ، وكسرها الباقون ؛ فمن فتح أراد : تكلِّمهم بأن الناس ، وهكذا قرأ ابن مسعود ، وأبو عمران الجوني : { تكلِّمهم بأنَّ الناس } بزيادة باء مع فتح الهمزة ؛ ومن كسر ، فلأنّ معنى { تكلِّمهم } : تقول لهم : إِن الناس ، والكلام قول .