Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 87-90)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ويَوْمَ يُنْفَخُ في الصُّور } قال ابن عباس : هذه النفخة الأولى . قوله تعالى : { ففَزِعَ مَنْ في السمواتِ ومَن في الأرض } [ قال المفسرون : المعنى : فيفزع مَن في السماوات ومن في الارض ] ، والمراد أنهم ماتوا ، بلغ بهم الفزع إِلى الموت . وفي قوله : { إِلاَّ مَنْ شاء اللّهُ } ثلاثة أقوال . أحدها : أنهم الشهداء ، قاله أبو هريرة ، وابن عباس ، وسعيد بن جبير . والثاني : جبريل وميكائيل وإِسرافيل ومَلَك الموت ، ثم إِن الله تعالى يميتهم بعد ذلك ، قاله مقاتل . والثالث : أنهم الذين في الجنة من الحور وغيرهن ، وكذلك مَن في النار ، لأنهم خُلقوا للبقاء ، ذكره أبو إِسحاق ابن شاقلا من أصحابنا . قوله تعالى : { وكُلٌّ } أي : من الأحياء الذين ماتوا ثم أُحيوا { آتُوه } وقرأ حمزة ، وحفص عن عاصم : { أَتَوْهُ } بفتح التاء مقصورة ، أي : يأتون الله يوم القيامة { داخِرِينَ } قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة : صاغرين . قال أبو عبيدة : { كُلٌّ } لفظه لفظ الواحد ، ومعناه يقع على الجميع ، فهذه الآية في موضع جمع . قوله تعالى : { وتَرَى الجبالَ } قال ابن قتيبة : هذا يكون إِذا نُفخ في الصُّور ، تُجمَع الجبالُ وتُسَيَّر ، فهي لكثرتها تُحسب { جامدة } أي : واقفة { وهي تَمُرُّ } أي : تسير سير السحاب ، وكذلك كلُّ جيش عظيم يحسبه الناظر من بعيد واقفاً وهو يسير ، لكثرته ، قال الجَعْدِيّ يصف جيشاً : @ بِأَرْعَنَ مِثْلِ الطَّوْدِ تَحْسَبُ أنَّهُمْ وُقُوفٌ لِحَاجٍ والرِّكاب تُهَمْلِجُ @@ قوله تعالى : { صُنْعَ اللّهِ } قال الزجاج : هو منصوب على المصدر ، لأن قوله : { وتَرَى الجبال تحسَبُها جامدةً } دليل على الصنعة ، فكأنه قال : صنع الله ذلك صنعاً ، ويجوز الرفع على معنى : ذلك صُنْع الله . فأما الإِتقان ، فهو في اللغة : إِحكام الشيءِ . قوله تعالى : { إِنَّه خَبير بما تَفْعَلون } قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر : { يفعلون } بالياء . وقرأ نافع ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي بالتاء . قوله تعالى : { مَنْ جاءَ بالحسَنة } قد شرحنا الحسنة والسيِّئة في آخر [ الأنعام : 160 ] . قوله تعالى : { فله خير منها } فيه قولان . أحدهما : فله خير منها يصل إِليه ، وهو الثواب ، قاله ابن عباس ، والحسن ، وعكرمة . والثاني : فله أفضل منها ، لأنه يأتي بحسنة فيُعطى عشر أمثالها ، قاله زيد ابن أسلم . قوله تعالى : { وهم من فزع يومئذ } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر { مِنْ فَزَعِ يَوْمِئِذٍ } مضافاً . وقرأ عاصم ، وحمزة ، والكسائي : { مِنْ فَزَعٍ } بالتنوين { يومَئذٍ } بفتح الميم . وقال الفراء : الإِضافة أعجب إِليَّ في العربية ، لأنه فزع معلوم ، ألا ترى إِلى قوله : { لا يَحْزُنُهُمُ الفَزَعُ الأََكْبَرُ } [ الانبياء : 103 ] فصيَّره معرِفة ، فاذا أضفت مكان المعرفة كان أحبَّ إِليَّ . واختار أبو عبيدة قراءة التنوين وقال : هي أعمُّ التأويلين ، فيكون الأمن من جميع فزع ذلك اليوم . قال أبو علي الفارسي : إِذا نوّن جاز أن يُعنى به فزعٌ واحدٌ ، وجاز أن يُعنى به الكثرة ، لأنه مصدر ، والمصادر تدل على الكثرة وإِن كانت مفردة الألفاظ ، كقوله : { إِنَّ أنكر الأصوات لَصوتُ الحمير } [ لقمان : 19 ] ، وكذلك إِذا أضيف جاز أن يُعنى به فزع واحد ، وجاز أن يعنى به الكثرة ؛ وعلى هذا القول ، القراءتان سواء ، فان أريد به الكثرة ، فهو شامل لكل فزع يكون يوم القيامة ، وإِن أريد به الواحد ، فهو المشار إِليه بقوله : { لا يَحْزُنُهُمُ الفَزَعُ الأكْبَرُ } [ الأنبياء : 103 ] . وقال ابن السائب : إِذا أطبقت النَّارُ على أهلها فَزِعوا فَزْعَةً لم يفزعوا مثلها ، وأهل الجَنَّة آمنون من ذلك الفزع . قوله تعالى : { ومَنْ جاء بالسَّيِّئة } قال المفسرون : هي الشِّرك { فكُبَّتْ وُجوهُهم } يقال : كَبَبْتُ الرجل : إِذا ألقيتَه لوجهه ؛ وتقول لهم خَزَنة جهنم : { هل تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنتم تَعْمَلونَ } أي : إِلاَّ جزاءَ ما كنتم تعملون في الدُّنيا من الشِّرك .