Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 14-17)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ولمَّا بلغ أشُدَّه } قد فسرنا هذه الآية في سورة [ يوسف : 22 ] ، وكلامُ المفسرين في لفظ الآيتين متقارب ، إِلا أنهم فرَّقوا بين بلوغ الأشُدِّ وبي الاستواء ؛ فأما بلوغ الأشُدِّ ، فقد سلف بيانه [ الانعام : 152 ] . وفي مدة الاستواء لهم قولان . أحدهما : أنه أربعون سنة ، قاله مجاهد ، وقتادة ، وابن زيد . والثاني : ستون سنة ، ذكره ابن جرير . قال المفسرون : مكث عند أمِّه حتى فطمته ، ثم ردَّته إِليهم ، فنشأ في حِجْر فرعون وامرأته واتخذاه ولداً . قوله تعالى : { ودخل المدينة } فيها قولان . أحدهما : أنها مصر . والثاني : مدينة بالقرب من مصر . قال السدي : ركب فرعون يوماً وليس عنده موسى ، فلما جاء موسى ركب في إِثره فأدركه المَقِيل في تلك المدينة . وقال غيره : لمَّا توهَّم فرعون في موسى أنَّه عدوُّه أمر باخراجه من مدينته ، فلم يدخل إِلا بعد أن كَبِر ، فدخلها يوماً { على حين غفلة من أهلها } . وفي ذلك الوقت أربعة أقوال . أحدها : أنَّه كان يوم عيد لهم ، وكانوا قد اشتغلوا فيه بلهوهم ، قاله عليٌّ عليه السلام . والثاني : أنه دخل نصف النهار ، رواه جماعة عن ابن عباس ، وبه قال سعيد ابن جبير . والثالث : بين المغرب والعشاء ، قاله وهب بن منبِّه . والرابع : أنَّهم لمَّا أخرجوه لم يدخل عليهم حتى كَبِر ، فدخل على حين غفلة عن ذِكْره ، لأنَّه قد نُسي أمرُه ، قاله ابن زيد . قوله تعالى : { هذا مِنْ شِيعته } أي : من أصحابه من بني إِسرائيل { وهذا مِنْ عدوِّه } أي : من أعدائه من القِبط ، والعدوّ يُذْكَر للواحد وللجمع . قال الزجاج : وإِنما قيل في الغائب : « هذا » و « هذا » ، على جهة الحكاية للحضرة ؛ والمعنى : أنه إِذا نظر إِليهما الناظر قال : هذا مِنْ شِيعته ، وهذا مِنْ عدوِّه . قال المفسرون : وإِنَّ القِبطي كان قد سَخَّر الإِسرائيليَّ أن يحمل حطباً إِلى مطبخ فرعون { فاستغاثه } أي : فاستنصره ، { فوكزه } قال الزجاج : الوَكْز : أن يضربه بجميع كفِّه . وقال ابن قتيبة : { فوكزه } أي : لَكَزَهُ ، يقال : وَكَزْتُه ولَكَزْتُه ولَهَزْتُه : إِذا دفَعْته ، { فقضى عليه } أي : قتله ؛ وكلُّ شيء فرغت منه فقد قضيته وقضيت عليه . وللمفسرين فيما وكزه به قولان . أحدهما : كفّه ، قاله مجاهد . والثاني : عصاه ، قاله قتادة . فلمَّا مات القِبطي ندم موسى لأنه لم يُرِد قتله ، و { قال هذا مِنْ عمل الشيطان } أي : هو الذي هيَّج غضبي ، حتى ضربتُ هذا ، { إِنَّه عَدُوٌّ } لابن آدم { مُضِلٌّ } له { مُبِينٌ } عداوته . ثم استغفر فـ { قال ربِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نفسي } أي : بقتل هذا ، ولا ينبغي لنبيّ أن يقتُل حتى يُؤْمَر . { قال ربِّ بما أنعمتَ عليَّ } بالمغفرة { فلن أكون ظهيراً للمُجْرِمِين } قال ابن عباس : عوناً للكافرين ، وهذا يدلُّ على أن الإِسرائيليَّ الذي أعانه موسى كان كافراً .