Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 1-5)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { غُلِبَتِ الرُّومُ } ذكر أهل التفسير في سبب نزولها أنه كان بين فارس والروم حرب فغلبت فارس الرُّومَ ، فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابَه ، فشقَّ ذلك عليهم ، وفرح المشركون بذلك ، لأنَّ فارس لم يكن لهم كتاب وكانوا يجحدون البعث ويعبُدون الأصنام ، والرُّوم أصحاب كتاب ، فقال المشركون لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : إِنكم أهل كتاب ، والنصارى أهل كتاب ، ونحن أُمِّيُونَ ، وقد ظهر إِخواننا من أهل فارس على إِخوانكم من الرُّوم ، فان قاتلتمونا لَنَظْهَرَنَّ عليكم ، فنزلت هذه الآية ، فخرج بها أبو بكر الصديق إِلى المشركين ، فقالوا : هذا كلام صاحبك ، فقال : اللّهُ أَنزل هذا ، فقالوا لأبي بكر : نراهنك على أن الروم لا تغلب فارس ، فقال أبو بكر : البِضْع ما بين الثلاث إِلى التسع ، فقالوا : الوسط من ذلك ست ، فوضعوا الرِّهان ، وذلك قبل أن يُحرَّم الرِّهان ، فرجع أبو بكر إِلى أصحابه فأخبرهم ، فلاموه وقالوا : هلاَّ أقررتَها كما أقرَّها الله ؟ ! لو شاء أن يقول : ستاً ، لقال ! فلمَّا كانت سنة ست ، لم تظهر الروم على فارس ، فأخذوا الرهان ، فلمَّا كانت سنة سبع ظهرت الرُّومُ على فارس . وروى ابن عباس ، قال : " لمَّا نزلت : { آلم غُلِبَت الرُّومُ } ناحب أبو بكر قريشاً ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ألا احتطتَ ، فانَّ البِضْع ما بين السبع والتسع » ، وذكر بعضهم أنهم ضربوا الأجَل خمس سنين ، وقال بعضهم : ثلاث سنين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إِنما البِضْع ما بين الثلاث إِِلى التسع » ، فخرج أبو بكر فقال لهم : أُزايدُكم في الخطر وأَمُدُّ في الأجَل إِلى تسع سنين ، ففعلوا ، فقهرهم أبو بكر ، وأخذ رهانهم " وفي الذي تولَّى وضع الرهان من المشركين قولان . أحدهما : أُبيُّ بن خلف ، قاله قتادة . والثاني : أبو سفيان بن حرب ، قاله السدي . قوله تعالى : { في أدنى الأرض } وقرأ أُبيُّ بن كعب ، والضحاك ، وأبو رجاء ، وابن السميفع : { في أَداني الأرض } بألف مفتوحة الدال ، أي : أقرب الأرض أرض الروم إِلى فارس . قال ابن عباس : وهي طرف الشام . وفي اسم هذا المكان ثلاثة أقوال . أحدها : أنه الجزيرة ، وهي أقرب أرض الروم إِلى فارس ، قاله مجاهد . والثاني ؛ أذْرِعات وكَسْكَر ، قاله عكرمة . والثالث : الأردنُّ وفلسطين ، قاله السدي . قوله تعالى : { وهم } يعني الروم { مِنْ بَعْدِ غَلَبهم } وقرأ أبو الدرداء ، وأبو رجاء ، وعكرمة ، والأعمش : { غَلْبهم } بتسكين اللام ؛ أي : من بعد غلبة فارس إِيَّاهم . والغَلَب والغَلَبة لغتان ، { سيَغْلِبون } فارس في { بِضْع سنينَ } في البِضْع تسعة أقوال قد ذكرناها في [ يوسف : 42 ] قال المفسرون : وهي هاهنا سبع سنين ، وهذا من علم الغيب الذي يدل على أن القرآن حق ، { لله الأمر مِنْ قَبْلُ ومن بعدُ } أي : من قبل ان تُغلَب الروم ومِنْ بَعْد ما غَلبت ؛ والمعنى : أن غَلَبة الغالب وخِذْلان المغلوب ، بأمر الله وقضائه { ويومَئذ } يعني يوم غلبت الرومُ فارس { يَفرح المؤمنون بنصر الله } للروم . وكان التقاء الفريقين في السنة السابعة من غَلَبة فارس إِيَّاهم ، فغلبتْهم الرُّوم ، وجاء جبريلُ يخبر بنصر الروم على فارس ، فوافق ذلك يوم بدر ، وقيل : يوم الحديبية .