Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 32, Ayat: 23-30)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ولقد آتَيْنا موسى الكتاب } يعني التوراة { فلا تَكُنْ في مِرْيَة من لقائه } فيه أربعة أقوال . أحدها : فلا تكن في مرية من لقاء موسى ربَّه ، رواه ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . والثاني : من لقاء موسى ليلة الإِسراء ، قاله أبو العالية ، ومجاهد ، وقتادة ، وابن السائب . والثالث : فلا تكن في شكٍّ من لقاء الأذى كما لقي موسى ، قاله الحسن . والرابع : لا تكن في مرية من تلقِّى موسى كتابَ الله بالرضى والقبول ، قاله السدي . قال الزجاج : وقد قيل : فلا تكن في شكٍّ من لقاء موسى الكتاب ، فتكون الهاء للكتاب . وقال أبو علي الفارسي : المعنى : من لقاء موسى الكتاب ، فأضيف المصدر إِلى ضمير الكتاب ، وفي ذلك مدح له على امتثاله ما أُمر به ، وتنبيه على الأخذ بمثل هذا الفعل . وفي قوله : { وجعلناه هُدىً } قولان . أحدهما : الكتاب ، قاله الحسن . والثاني : موسى ، قاله قتادة . { وجعلنا منهم } أي : من بني إِسرائيل { أئمَةً } أي : قادة في الخير { يَهْدُونَ بأمرنا } أي : يدعون الناس إِلى طاعة الله { لمَّا صبروا } [ قرأ ابن كثير ، وعاصم ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر : { لَمَّا صبروا } بفتح اللام وتشديد الميم . وقرأ حمزة ، والكسائي : { لِمَا } بكسر اللام خفيفة . وقرأ ابن مسعود { بما } بباء مكان اللام ؛ والمراد : صبرهم ] على دينهم وأذى عدوِّهم { وكانوا بآياتنا يوقِنون } أنها من الله عز وجل ؛ وفيهم قولان . أحدهما : أنهم الأنبياء . والثاني : أنهم قومٌُ صالحون سوى الأنبياء . وفي هذا تنبيه لقريش أنكم إِن أَطعتم جعلتُ منكم أئمة . قوله تعالى : { إِنَّ ربَّكَ هو يَفْصِلُ بينهم } أي : يقضي ويحكُم ؛ وفي المشار إِليهم قولان . أحدهما : أنهم الأنبياء وأُممهم . والثاني : المؤمنون والمشركون . ثم خوَّف كفار مكة بقوله : { أَوَلَمْ يَهْدِ لهم } وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي : { نَهْدِ } بالنون . وقد سبق تفسيره في [ طه : 128 ] . { أَوَلَمْ يَرَواْ أنَّا نَسُوق الماء } يعني المطر والسيل { إِلى الأرض الجُرُز } وهي التي لا تُنبت - وقد ذكرناها في أول [ الكهف : 8 ] - فاذا جاء الماء أنبتَ فيها ما يأكل الناس والأنعام . { ويقولون } يعني كفار مكة { متى هذا الفتح } وفيه أربعة أقوال . أحدها : أنه ما فتح يوم بدر ؛ روى عكرمة عن ابن عباس في هذه الآية قال : يومَ بدر فُتح للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فلم ينفع الذين كفروا إِيمانُهم بعد الموت . والثاني : أنه يوم القيامة ، وهو يوم الحُكم بالثواب والعقاب ، قاله مجاهد . والثالث : أنه اليوم الذي يأتيهم فيه العذاب في الدنيا ؛ قاله السدي . والرابع : فتح مكة ، قاله ابن السائب ، والفراء ، وابن قتيبة ؛ وقد اعتُرض على هذا القول ، فقيل : كيف لا ينفع الكفارَ إِيمانُهم يوم الفتح ، وقد أسلم جماعة وقُبِلَ إِسلامُهم يومئذ ؟ ! فعنه جوابان . أحدهما : لا ينفع مَنْ قُتل من الكفار يومئذ إِيمانُهم بعد الموت ؛ وقد ذكرناه عن ابن عباس . وقد ذكر أهل السِّيَر أنَّ خالداً دخل يوم الفتح من غير الطريق التي دخل منها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلقيه صفوان بن أميَّة وسهيل ابن عمرو في آخرين فقاتلوه ، فصاح خالد في أصحابه وقاتلهم ، فقتل أربعة وعشرين من قريش ، وأربعة من هذيل ، وانهزموا ، فلمَّا ظهر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قال : « ألم أَنه عن القتال » ؟ فقيل : إِن خالداً قوتل فقاتل . والثاني : لا ينفع الكفارَ ما أُعطوا من الأمان ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مَنْ أَغلق بابَه فهو آمن ، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن " قال الزجاج : يقال : آمنتُ فلاناً إِيماناً ، فعلى هذا يكون المعنى : لا يدفع هذا الأمانُ عنهم عذابَ الله . وهذا القول الذي قد دافعنا عنه ليس بالمختار ، وإِنما بيَّنَّا وجهه لأنه قد قيل . وقد خرج بما ذكرنا في الفتح قولان . أحدهما : أنه الحكم والقضاء ، وهو الذي نختاره . والثاني : فتح البلد . قوله تعالى : { فأَعْرِضْ عنهم وانْتَظِر } أي : انتظر عذابهم { إِنَّهم مُنْتَظِرونَ } بك حوادث الدهر . قال المفسرون : وهذه الآية منسوخة بأية السيف .