Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 32, Ayat: 5-9)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { يدبِّر الأَمر من السماء إِلى الأرض } في معنى الآية قولان . أحدهما : يقضي القضاء من السماء فينزِّله مع الملائكة إِلى الأرض ، { ثم يَعْرُجُ } الملَك { إِليه في يوم } من أيام الدنيا ، فيكون الملَك قد قطع في يوم واحد من أيام الدنيا في نزوله وصعوده مسافة ألف سنة من مسيرة الآدمي . والثاني : يدبِّر أمر الدنيا مدة أيَّام الدنيا ، فينزِّل القضاء والقدر من السماء إِلى الأرض ، { ثم يعرُج إِليه } أي : يعود إِليه الأمر والتدبير حين ينقطع أمر الأمراء وأحكام الحكّام وينفرد الله تعالى بالأمر { في يوم كان مقداره ألف سنة } وذلك في [ يوم ] القيامة ، لأنَّ كل يوم من أيام الآخرة كألف سنة . وقال مجاهد : يقضي أمر ألف سنة في يوم واحد ، ثم يلقيه إِلى الملائكة ، فاذا مضت قضى لألف سنة آخرى ، ثم كذلك أبداً . وللمفسرين في المراد بالأمر ثلاثة أقوال . أحدها : أنه الوحي ، قاله السدي . والثاني : القضاء ، قاله مقاتل . والثالث : أمر الدنيا . و { يعرُج } بمعنى يصعَد . قال الزجاج : يقال : عَرَجْتُ في السُّلَّم أعرُج ، وعَرِج الرجُل يعرَج : إِذا صار أعرج . وقرأ معاذ القارىء ، وابن السميفع ، وابن أبي عبلة : { ثم يُعْرَجُ إِليه } بياء مرفوعة وفتح الراء . وقرأ أبو المتوكل ، وأبو الجوزاء : { يَعْرِجُ } بياء مفتوحة وكسر الراء . وقرأ أبو عمران الجوني ، وعاصم الجحدري : { ثم تَعْرُجُ } بتاء مفتوحة ورفع الراء . قوله تعالى : { الذي أحسنَ كُلَّ شيء خَلَقه } فيه خمسة أقوال . أحدها : جعله حَسَناً . والثاني : أحكم كل شيء ، رويا عن ابن عباس ، وبالأول قال قتادة ، وبالثاني قال مجاهد . والثالث : أحسنه ، لم يتعلمه من أحد ، كما يقال : فلان يُحْسِن كذا : إِذا عَلِمه ، قاله السدي ، ومقاتل . والرابع : أن المعنى : ألهم خَلْقه كلَّ ما يحتاجون إِليه ، كأنه أعلمهم كل ذلك وأحسنهم ، قاله الفراء . والخامس : أحسن إِلى كل شيء خَلْقه ، حكاه الماوردي . وفي قوله : { خَلْقَه } قراءتان . قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر : { خَلْقَه } ساكنة اللام . وقرأ الباقون بتحريك اللام . وقال الزجاج : فتحها على الفعل الماضي ، وتسكينها على البدل ، فيكون المعنى : أحسنَ خَلْقَ كلِّ شيء خَلَقه . وقال أبو عبيدة : المعنى : أحسن خَلْق كلِّ شيء ، والعرب تفعل مثل هذا ، يقدِّمون ويؤخِّرون . قوله تعالى : { وبدأ خَلْقَ الإِنسان } يعني آدم ، { ثم جعل نسله } أي : ذرِّيته وولده ؛ وقد سبق شرح الآية [ المؤمنون : 12 ] . ثم رجع إِلى آدم فقال : { ثُمَّ سوَّاه ونَفَخ فيه من رُوحه } وقد سبق بيان ذلك [ الحجر : 29 ] . ثم عاد إِلى ذريته فقال : { وجَعَل لكم السَّمْع والأبصار } أي : بعد كونكم نُطَفاً .