Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 1-4)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يا أيُّها النبيُّ اتَّقِ الله } سبب نزولها أن أبا سفيان بن حرب ، وعكرمة بن أبي جهل ، وأبا الأعور السلمي ، قَدِموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموادعة التي كانت بينهم ، فنزلوا على عبد الله بن أُبيّ ، ومعتّب بن قُشَير ، والجَدّ بن قيس ؛ فتكلَّموا فيما بينهم ، وأتَوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعَوه إِلى أمرهم وعرضوا عليه أشياء كرهها ، فنزلت هذه الآية ، رواه أبو صالح عن ابن عباس . قال مقاتل : سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرفُض ذِكْر اللات والعُزَّى ويقولَ : إِنَّ لها شفاعة ، فكَرِه ذلك ، ونزلت [ هذه ] الآية . وقال ابن جرير : { ولا تُطِع الكافرينَ } الذين يقولون : اطرد عنَّا أتباعك من ضعفاء المسلمين { والمنافقينَ } فلا تَقْبَل منهم رأياً . فان قيل : ما الفائدة في أمر الله تعالى رسولَه بالتقوى ، وهو سيِّد المتَّقين ؟ ! فعنه ثلاثة أجوبة . أحدها : أن المراد بذلك استدامة ما هو عليه . والثاني : الإِكثار مما هو فيه . والثالث : أنه خطاب وُوجِهَ به ، والمراد أُمَّتُه . قال المفسرون : وأراد بالكافرين في هذه الآية : أبا سفيان ، وعكرمة ، وأبا الأعور ، وبالمنافقين : عبد الله بن أُبيّ ، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح ، وطُعمة بن أُبَيْرِق . وما بعد هذا قد سبق بيانه [ النساء : 81 ] إِلى قوله : { ما جعل اللّهُ لرجُل من قلبين في جوفه } وفي سبب نزولها قولان . أحدهما : أن المنافقين كانوا يقولون : لمحمد قلبان ، قلب معنا ، وقلبٌ مع أصحابه ، فأكذبهم اللّهُ تعالى ، ونزلت هذه الآية ، قاله ابن عباس . والثاني : أنها نزلت في جميل بن مَعْمَر الفهري كذا نسبه جماعة من المفسرين . وقال الفراء : جميل بن أسد ، ويكنى : أبا مَعْمَر . وقال مقاتل : أبو مَعْمَر بن أنس الفهري - وكان لبيباً حافظاً لِمَا سمع ، فقالت قريش : ما حفظ هذه الأشياء إِلا وله قلبان في جوفه ، وكان يقول : إِن لي قلبين أعقِل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد ، فلمَّا كان يوم بدر وهُزم المشركون وفيهم يومئذ جميل بن معمر ، تلقَّاه أبو سفيان وهو معلِّق إِحدى نعليه بيده ، والأخرى في رجله ، فقال له : ما حالُ الناس ؟ فقال : انهزموا ، قال : فما بالك إِحدى نعليك في يدك والأخرى في رجلك ؟ قال : ما شعرتُ إِلاَّ أنهما في رِجليّ ، فعرفوا [ يومئذ ] أنه لو كان له قلبان لَمَا نسي نعله في يده ؛ وهذا قول جماعة من المفسرين . وقد قال الزهري في هذا قولاً عجيباً ، قال : بلغَنا أن ذلك في زيد ابن حارثة ضُرب له مثَل يقول : ليس ابنُ رجل آخر ابنَك . قال الأخفش : « مِنْ » زائدة في قوله : { مِنْ قلبين } . قال الزجاج : أكذبَ اللّهُ عز وجل هذا الرجل الذي قال : لي قلبان ، ثم قرر بهذا الكلام ما يقوله المشركون وغيرهم ممَّا لا حقيقة له ، فقال : { وما جَعل أزواجَكم اللاَّئي تُظاهِرونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكم } فأعلم الله تعالى أن الزوجة لا تكون أُمّاً ، وكانت الجاهلية تُطلِّق بهذا الكلام ، وهو أن يقول لها : أنتِ عليَّ كَظَهر أُمِّي ، وكذلك قوله : { وما جَعل أدعياءَكم أبناءَكم } أي : ما جعل مَنْ تَدْعونه ابناً وليس بولد في الحقيقة ابناً { ذلكم قولُكم بأفواهكم } أي : نسبُ مَنْ لا حقيقةَ لنَسَبه قولٌ بالفم لا حقيقة تحته { واللّهُ يقولُ الحقَّ } أي : لا يجعل غير الابن ابناً { وهو يَهدي السبيل } أي : للسبيل المستقيم . وذكر المفسرون أن قوله : { وما جَعل أزواجَكم اللاَّئي تُظاهِرون مِنْهُنَّ } نزلت في اوس بن الصامت وامرأته خولة بنت ثعلبة . ومعنى الكلام : ما جعل أزواجكم اللاَّئي تُظِاهرون منهنَّ كأُمَّهاتكم في التحريم ، إِنَّما قولُكم معصية ، وفيه كفَّارة ، وأزواجُكم لكم حلال ؛ وسنشرح هذا في سورة [ المجادلة ] إِن شاء الله . وذكروا أن قوله : { وما جعل أدعياءَكم أبناءَكم } نزل في زيد بن حارثة ، أعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتبنَّاه قبل الوحي ، فلمَّا تزوَّج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش قال اليهود والمنافقون : تزوَّج محمدٌ امرأة ابنه وهو ينهى الناس عنها ، فنزلت هذه الآية .