Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 51-54)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ولو تَرى إِذْ فَزِعوا } في زمان هذا الفزع قولان . أحدهما : أنه حين البعث من القبور ، قاله الأكثرون . والثاني : أنه عند ظهور العذاب في الدنيا ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وبه قال قتادة . وقال سعيد بن جبير : هو الجيش الذي يُخسف به بالبيداء ، يبقى منهم رجل فيخبر الناس بما لقُوا ، وهذا حديث مشروح في التفسير ، وأن هذا الجيش يؤمُّ البيت الحرام لتخريبه ، فيُخسف بهم . وقال الضحاك وزيد ابن أسلم : هذه الآية فيمن قُتل يوم بدر من المشركين . قوله تعالى : { فلا فَوْتَ } المعنى : فلا فَوْتَ لهم ، أي : لا يُمكنهم أن يفوتونا { وأُخِذوا من مكان قريب } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : من مكانهم يوم بدر ، قاله زيد بن أسلم . والثاني : من تحت أقدامهم بالخسف ، قاله مقاتل . والثالث : من القبور ، قاله ابن قتيبة . وأين كانوا ، فهُم من الله قريب . قوله تعالى : { وقالوا } أي : حين عاينوا العذاب { آمَنَّا به } في هاء الكناية أربعة أقوال . أحدها : أنها تعود إِلى الله عز وجل ، قاله مجاهد . والثاني : إِلى البعث ، قاله الحسن . والثالث : إِلى الرسول ، قاله قتادة . والرابع : إِلى القرآن ، قاله مقاتل . قوله تعالى : { وأنَّى لهم التَّنَاوُشُ } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وابن عامر ، وحفص عن عاصم : { التَّنَاوُشُ } غير مهموز . وقرأ أبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي ، والمفضل عن عاصم : بالهمز . قال الفراء : من همز جعله من « نأشْتُ » ، ومن لم يهمز ، جعله من « نُشْتُ » ، وهما متقاربان ؛ والمعنى : تناولتُ الشيء ، بمنزلة : ذِمْتُ الشيءَ وذأمْتُه : إِذا عِبْتَه ؛ وقد تناوش القومُ في القتال : إِذا تناول بعضُهم بعضاً بالرِّماح ، ولم يتدانَوا كُلَّ التداني ، وقد يجوز همز « التَّنَاؤش » وهي من « نُشْتُ » لانضمام الواو ، مثل قوله : { وإِذا الرُّسُّل أُقِّتَتْ } [ المرسلات : 11 ] . وقال الزجّاج : من همز « التَّنَاؤش » فلأنّ واو التَّنَاوُش مضمومة ، وكُلُّ واو مضمونة ضمَّتُها لازمة ، إِن شئتَ أبدلت منها همزة ، وإِن شئتَ لم تبدل ، نحو : أدؤر . وقال ابن قتيبة : معنى الآية : وأنَّى لهم التَّناوُشُ لِمَا أرادوا بلوغَه وإِدراكُ ما طلبوا من التَّوبة { من مكانٍ بعيدٍ } وهو الموضع الذي تُقْبَل فيه التوبةُ . وكذلك قال المفسرون : أنَّى لهم بتناول الإِيمان والتوبة وقد تركوا ذلك في الدنيا والدنيا قد ذهبت ؟ ! قوله تعالى : { وقد كَفَروا به } في هاء الكناية أربعة أقوال قد تقدَّمت في قوله { آمنَّا به } [ سبأ : 52 ] . ومعنى { مِنْ قَبْلُ } أي : في الدنيا من قبل معاينة أهوال الآخرة { ويَقْذِفون بالغيب } أي : يَرْمُون بالظّنِّ { مِنْ مكانٍ بعيدٍ } وهو بُعدهم عن العلم بما يقولون . وفي المراد بمقالتهم هذه ثلاثة أقوال . أحدها : أنهم يظُنُّون أنهم يُرَدُّون إِلى الدنيا ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . والثاني : أنه قولهم في الدنيا : لا بعث لنا ولا جنة ولا نار ، قاله الحسن ، وقتادة . والثالث : أنه قولهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو ساحر ، هو كاهن ، هو شاعر ، قاله مجاهد . قوله تعالى : { وحِيل بينهم وبين ما يَشتهون } أي : مُنع هؤلاء الكفار مما يشتهون ، وفيه ستة أقوال . أحدها : انه الرجوع إِلى الدنيا ، قاله ابن عباس . والثاني : الأهل والمال والولد ، قاله مجاهد . والثالث : الإِيمان ، قاله الحسن . والرابع : طاعة الله ، قاله قتادة . والخامس : التوبة ، قاله السدي . والسادس : حيل بين الجيش الذي خرج لتخريب الكعبة وبين ذلك بأن خُسف بهم ، قاله مقاتل . قوله تعالى : { كما فُعِلَ } وقرأ ابن مسعود ، وأُبيُّ بن كعب ، وأبو عمران : { كما فَعَل } بفتح الفاء والعين { بأشياعهم مِنْ قَبْلُ } قال الزجّاج : أي بمن كان مذهبُه مذهبَهم . قال المفسرون : والمعنى : كما فُعل بنُظَرائهم من الكفار مِنْ قَبْل هؤلاء ، فانهم حِيل بينهم وبين ما يشتهون . وقال الضحاك : هم أصحاب الفيل حين أرادوا خراب الكعبة { إِنَّهم كانوا في شَكّ } من البعث ونزول العذاب بهم { مُرِيبٍ } أي : مُوقِعٍ لِلرِّيبة والتُّهمة .