Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 35, Ayat: 34-39)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم أخبر عمَّا يقولون عند دخولها ، وهو قوله : { الحمدُ لله الذي أَذهب عنَّا الحَزَنَ } الحَزَن والحُزْن واحد ، كالبَخَل والبُخْل . وفي المراد بهذا الحزن خمسة أقوال . أحدها : أنه الحزن لطول المقام في المحشر . روى أبو الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أمَّا السابق ، فيدخل الجنة بغير حساب ، وأما المقتصِد ، فيحاسَب حساباً يسيراً ، وأما الظَّالم لنفسه ، فانه حزين في ذلك المقام " فهو الحزن والغم ، وذلك قوله تعالى : { الحمد لله الذي أذهب عنّا الحَزَن } . والثاني : أنه الجوع ، رواه أبو الدرداء أيضاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، [ ولا يصح ] ، وبه قال شمر بن عطية . وفي لفظ عن شمر أنه قال : الحزن : هَمُّ الخُبز ، وكذلك روي عن سعيد بن جبير أنه قال : الحزن : هَمُّ الخُبز في الدنيا . والثالث : أنه حزن النار ، رواه أبو الجوزاء عن ابن عباس . والرابع : حزنهم في الدنيا على ذُنوب سلفت منهم ، رواه عكرمة عن ابن عباس . والخامس : حزن الموت ، قاله عطية . والآية عامَّة في هذه الأقوال وغيرها ، ومن القبيح تخصيص هذا الحزن بالخبز وما يشبهه ، وإِنما حزنوا على ذُنوبهم وما يوجبه الخوف . قوله تعالى : { الذي أحلَّنا } أي : أنزلنا { دارَ المُقامة } قال الفراء : المُقامة هي الإِقامة ، والمَقامة : المجلس ، بالفتح لا غير ، قال الشاعر : @ يَوْمَانِ يَوْمُ مَقامَاتٍ وأنْدِيَةٍ وَيَوْمُ سَيْرٍ إِلى الأعْدَاءِ تأْوِيبِ @@ قوله تعالى : { مِنْ فَضْلِه } قال الزجاج : أي : بتفضُّله ، لا بأعمالنا . والنَّصَبُ : التَّعَب . واللُّغوب : الإِعياء من التَّعب . ومعنى { لُغُوب } : شيء يُلْغِب ؛ أي : لا نتكلّف شيئاً نُعَنّى منه . قوله تعالى : { لا يُقْضى عليهم فيموتوا } أي : لايهلكون فيستريحوا ممَّا هُمْ فيه ، ومثله : { فوكزه موسى فقضى عليه } [ القصص : 51 ] . قوله تعالى : { كذلك نَجْزي كُلِّ كَفورٍ } وقرأ أبو عمرو : { يُجزى } بالياء { كُلُّ } برفع اللام . وقرأ الباقون : { نَجزي } بالنون « كُلَّ » بنصب اللام . قوله تعالى : { وهم يَصْطَرِخُون فيها } وهو افتعال من الصُّراخ : والمعنى : يستغيثون ، فيقولون : { ربَّنا أَخْرِجنا نعملْ صالحاً } أي : نوحِّدك ونُطيعك { غيرَ الذي كُنَّا نَعملُ } من الشِّرك والمعاصي ؛ فوبَّخهم الله تعالى بقوله : { أَوَلَمْ نُعَمِّرْكم } قال أبو عبيدة : معناه التقرير ، وليس باستفهام ؛ والمعنى : أولم نعمِّركم عُمُراً يتذكرَّ فيه من تَذَكَّر ؟ ! وفي مقدار هذا التعمير أربعة أقوال . أحدها : أنه سبعون سنة ، قال ابن عمر : هذه الآية تعبير لأبناء السبعين . والثاني : أربعون سنة . والثالث : ستون سنة ، رواهما مجاهد عن ابن عباس ، وبالأول منهما قال الحسن ، وابن السائب . والرابع : ثماني عشرة سنة ، قاله عطاء ، ووهب بن منبّه ، وأبو العالية ، وقتادة . قوله تعالى : { وجاءكم النَّذير } فيه أربعة أقوال . أحدها : أنه الشيب ، قاله ابن عمر ، وعكرمة ، وسفيان بن عيينة ؛ والمعنى : أَوَلَمْ نعمِّرْكم حتى شِبتم ؟ ! . والثاني : النبيّ صلى الله عليه وسلم ، قاله قتادة ، وابن زيد ، وابن السائب ، ومقاتل . والثالث : موت الأهل والأقارب . والرابع . الحمّى ذكرهما الماوردي . قوله تعالى : { فذُوقوا } يعني : العذاب { فما للظالمين من نصير } أي : من مانع يَمنع عنهم . وما بعد هذا قد تقدم بيانه [ المائدة : 7 ] إِلى قوله : { خلائفَ في الأرض } وهي الأُمَّة التي خَلَفَتْ مَنْ قَبْلها ورأت فيمن تقدَّمها ما ينبغي أن تَعتبر به { فمن كَفَر فعليه كُفره } أي : جزاء كفره .