Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 8-9)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أفَمَنْ زُيِّنَ له سُوءُ عمله } اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال . أحدها : أنها نزلت في أبي جهل ومشركي مكة ، قاله ابن عباس . والثاني : في أصحاب الأهواء والمِلل التي خالفت الهُدى ، قاله سعيد بن جبير . والثالث : أنهم اليهود والنصارى والمجوس ، قاله أبو قلابة . فان قيل : أين جواب { أفَمَنْ زُيِّن له } ؟ . فالجواب : من وجهين ذكرهما الزجاج . أحدهما : أن الجواب محذوف ؛ والمعنى : أفَمَنْ زُيِّن له سُوء عمله كمن هداه الله ؟ ! ويدُلُّ على هذا قوله : { فانَّ الله يُضِلُّ من يشاء ويَهدي من يشاء } . والثاني : أن المعنى : أفَمَنْ زُيِّن له سوء عمله فأضلَّه اللّهُ ذهبتْ نفسُك عليهم حسرات ؟ ! ويدلُّ على هذا قوله : { فلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عليهم حَسَراتٍ } . وقرأ أبو جعفر { فلا تُذْهِبْ } بضم التاء وكسر الهاء { نَفْسَكَ } بنصب السين . وقال ابن عباس : لا تغتمَّ ولا تُهْلِكْ نَفْسَكَ حَسْرة على تركهم الإِيمان . قوله تعالى : { فتُثيرُ سحاباً } أي : تُزعجه من مكانه ؛ وقال أبو عبيدة : تجمعُه وتجيء به ، و { سُقْناه } بمعنى : « نسوقه » ؛ والعرب قد تضع « فَعَلْنَا » في موضع « نَفْعَلُ » ، وأنشدوا : @ إِن يَسْمَعُوا رِيبَةً طاروا بها فَرَحاً مِنِّي ومَا سَمعوا مِنْ صَالحٍ دَفَنُوا @@ المعنى : يَطيروا ويَدفِنوا . قوله تعالى : { كذلك النُّشور } وهو الحياة . وفي معنى الكلام قولان . أحدهما : كما أحيا اللّهُ الأرض بعد موتها يُحيي الموتى يوم البعث . روى أبو رزين العقيلي ، " قال : قلت : يا رسول الله : كيف يُحيي اللّهُ الموتى ؟ وما آيةُ ذلك في خَلْقه ؟ فقال : « هل مررتَ بوادي أهلك مَحْلاً ؟ ثم مررتَ به يهتزُّ خَضِراً ؟ » قلت : نعم ، قال : « فكذلك يُحيي اللّهُ الموتى ، وتلك آيتُه في خَلْقه » " . والثاني : كما أحيا اللّهُ الأرض المينة بالماء ، كذلك يُحيي الله الموتى بالماء . قال ابن مسعود : يرسِلُ اللّهُ تعالى ماءً من تحت العرش كمنِيِّ الرجال ، قال : فتنبت لُحْمانهم وجُسْمانهم من ذلك الماء ، كما تنبت الأرض من الثرى ، ثم قرأ هذه الآية . وقد ذكرنا في [ الأعراف : 57 ] نحو هذا الشرح .