Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 20-29)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وجاءَ مِنْ أقصى المدينة رَجُلٌ يسِعى } واسمه حبيب النجّار ، وكان مجذوماً ، وكان قد آمن بالرُّسل لمَّا وردوا القرية ، وكان منزلهُ عند أقصى باب من أبواب القرية ، فلمَّا بلغه أنَّ قومه قد كذَّبوا الرُّسل وهمُّوا بقتلهم ، جاء يسعى ، فقال ما قصَّه اللهُ علينا إلى قوله : { وهم مُهْتَدون } يعني الرُّسل ، فأخذوه ورفعوه إلى الملِك . فقال له الملِك : أفأنت تَتبعهم ؟ فقال : { وماليَ } أسكن هذه الياء حمزة ، وخلف ، ويعقوب { لا أعبُدُ الذي فَطَرني } أي : وأيُّ شيء لي إِذا لم أعبُد خالقي { وإليه تُرْجَعونَ } عند البعث ، فيَجزِيكم بكُفركم ؟ ! فإن قيل : لِمَ أضاف الفِطرةَ إلى نفسه والبعثَ إليهم وهو يَعلم أنَّ الله قد فطَرهم جميعاً كما يَبعثهم جميعاً ؟ فالجواب : أن إيجاد الله تعالى نِعمة يوجب الشُّكر ، والبعثُ في القيامة وعيدٌ يوجب الزَّجر ، فكانت إِضافةُ النِّعمة إِلى نفسه أظهرَ في الشُّكر ، وإِضافةُ البعث إِلى الكافر أبلغ في الزَّجر . ثم أَنكر عبادة الأصنام بقوله : { أَأَتَّخِذُ مِنْ دونه آلهة } . قوله تعالى : { لا تُغْنِ عنِّي شفاعتُهم } يعني أنه لا شفاعة لهم فتُغْني ، { ولا يُنْقِذونِ } أثبت ها هنا الياء في الحالين يعقوب ، وورش . والمعنى : لا يخلِّصوني من ذلك المكروه . { إنِّي إِذاً } فتح هذه الياء نافع ، وأبو عمرو . قوله تعالى : { إنّي آمنتُ بربِّكم } فتح هذه الياء أهل الحجاز وأبو عمرو . وفيمن خاطبهم بإيمانه قولان : أحدهما : أنه خاطب قومه بذلك ، قاله ابن مسعود . والثاني : أنه خاطب الرُّسل . ومعنى { فاسمَعونِ } اشهَدوا لي بذلك ، قاله الفراء . وقال أبو عبيدة : المعنى : فاسمَعوا منِّي . وأثبت ياء " فاسمَعوني " في الحالين يعقوب . قال ابن مسعود : لمَّا خاطب قومه بذلك ، وطئوه بأرجُلهم . وقال السدي : رمَوْه بالحجارة ، وهو يقول : اللهّم اهْدِ قَومي . قوله تعالى : { قيل ادخُلِ الجَنَّة } لمَّا قتلوه فلقي الله ، قيل له : " ادخُل الجَنَّة " ، فلمَّا دخلها { قال ياليت قَوْمِي يَعْلَمونَ بِما غَفَرَ لي ربِّي } ، وفي " ما " قولان : أحدهما : أنها مع " غَفَرَ " في موضع مصدر ؛ والمعنى : بغُفران الله لي . والثاني : أنها بمعنى " الذي " ، فالمعنى : ليتهم يَعلمون بالذي غَفَرَ لي [ به ] ربِّي فيؤمنون ، فنصحهم حياً وميتاً . فلمَّا قتلوه عجَّل اللهُ لهم العذاب ، فذلك قوله تعالى : { وما أَنزَلْنا على قومه } يعنى قوم حبيب { مِنْ بَعْدِه } أي : مِنْ بَعْدِ قتله { مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ } يعني الملائكة ، أي : لم ينتصر منهم بجُند من السَّماء { وما كُنَّا } نُنْزِلهم على الأُمم إذا أهلكناهم . وقيل : المعنى : ما بعثْنا إليهم بعده نبيّاً ، ولا أنزلنا عليهم رسالة . { إنْ كانت إلاَّ صيحةً واحدةً } قال المفسِّرون : أخذ جبريل عليه السلام بِعِضَادَتَي باب المدينة ، ثم صاح بهم صيحة واحدة ، فإذا هم ميّتون لا يُسْمَع لهم حِسٌّ ، كالنَّار إِذا طُفئت ، وهو قوله تعالى : { فإذا هم خامدون } أي : ساكنون كهيأة الرَّماد الخامد .