Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 71-76)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم ذكَّرهم قُدرته فقال : { أوَلَمْ يَرَوْا أنَّا خَلَقْنا لهم ممّا عَمِلَتْ أيدينا أَنعاماً } قال ابن قتيبة : يجوز أن يكون المعنى : ممّا عَمِلْناه بقوَّتنا وقدرتنا ، وفي اليد القُدرةُ والقُوَّةُ على العمل ، فتُستعارُ اليدُ فتُوضَع موضعها هذا مَجازٌ للعرب يحتملُه هذا الحرف ، والله أعلم بما أراد . وقال غيره : ذِكْر الأيدي ها هنا يدلُّ على انفراده بما خَلَق ، والمعنى : لم يشاركْنا أحد في إِنشائنا ؛ والواحدُ مِنّا إِذا قال : عملتُ هذا بيدي ، دلَّ ذلك على انفراده بعمله . وقال أبو سليمان الدمشقي : معنى الآية : ممّا أَوجدْناه بقُدرتنا وقوَّتنا ؛ وهذا إِجماعٌ أنه لم يُرد هاهنا إلا ما ذكرْنا . قوله تعالى : { فهُم لها مالكونَ } فيه قولان . أحدهما : ضابطون ، قاله قتادة ، ومقاتل . قال الزجاج : ومثله في الشِّعر : @ أَصبحتُ لا أَحملُ السِّلاحَ ولا أملكُ رأسَ البعيرِ إِنْ نَفَرا @@ أي : لا أَضبِط رأس البعير . والثاني : قادرون عليها بالتسخير لهم ، قاله ابن السائب . قوله تعالى : { وذلَّلْناها لهم } أي : سخَّرْناها ، فهي ذليلة لهم { فمنها رَكُوبُهم } قال ابن قتيبة : الرَّكُوب : ما يَرْكَبون ، والحَلوب : ما يَحْلُبُون . قال الفراء : ولو قرأ قارىءٌ : { فمنها رُكُوبُهم } ، كان وجهاً ، كما تقول : منها أكلهم وشُربهم ورُكوبهم . وقد قرأ بضم الراء الحسن ، وأبو العالية ، والأعمش ، وابن يعمر في آخرين . وقرأ أُبيُّ بن كعب ، وعائشة : { رَكُوبَتُهم } بفتح الراء والباء وزيادة تاء مرفوعة . قال المفسرون : يركبون من الأنعام الإِبل ، ويأكلون الغنم ، { ولهم فيها منَافعُ } من الأصواف والأوبار والأشعار والنَّسْل { ومَشاربُ } [ من ] ألبانها ، { أَفَلا يَشْكُرونَ } ربَّ هذه النِّعم فيوحِّدونه ؟ ! . ثم ذكر جهلهم فقال : { واتَّخَذوا مِنْ دون الله آلهةً لعلَّهم يُنْصَرون } أي : لتمنَعهم من عذاب الله ؛ ثم أخبر أن ذلك لا يكون بقوله { لا يستطيعون نَصْرَهم } أي : لا تَقْدِرُ الأصنام على منعهم من أَمْرٍ أراده اللهُ بهم { وهُمْ } يعني الكفار { لَهُمْ } يعني الأصنام { جُنْدٌ مُحْضَرونَ } وفيه أربعة أقوال : أحدها : جُنْدٌ في الدنيا مُحْضَرونَ في النار ، قاله الحسن . والثاني : مُحْضَرونَ عند الحساب ، قاله مجاهد . والثالث : المشركون جُنْدٌ للأصنام ، يَغضبون لها في الدنيا ، وهي لا تسوق إِليهم خيراً ولا تدفع عنهم شرّاً قاله قتادة . وقال مقاتل : الكفار يَغضبون للآلهة ويَحْضُرونها في الدنيا . وقال الزجاج : هم للأصنام ينتصرون ، وهي لا تستطيع نصرهم . والرابع : هم جُنْدٌ مُحْضَرون عند الأصنام يعبدونها ، قاله ابن السائب . قوله تعالى : { فلا يَحْزُنْكَ قولهُم } يعني قول كفار مكة في تكذيبك { إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ } في ضمائرهم من تكذيبك { وما يُعلِنونَ } بألسنتهم من ذلك ؛ والمعنى إِنا نُثيبك ونجازيهم .