Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 77-83)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أَوَلَمْ يَرَ الإِنسانُ أَنَّا خَلَقْناه مِنْ نُطْفة } اختلفوا فيمن نزلت هذه الآية والتي بعدها على خمسة أقوال : أحدها : " أنه العاص بن وائل السهمي ، أخذ عَظْماً من البطحاء ففتَّه بيده ، ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أيُحْيي اللهُ هذا بعد ما أرى ؟ فقال : " نعم ، يُميتُكَ الله ثُمَّ يُحْييكَ ثُم َّيُدخلكَ نار جهنَّم " ، فنزلت هذه الآيات . رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس . والثاني : أنه عبد الله بن أُبيّ بن سلول ، جرى له نحو هذه القصة ، رواه العوفي عن ابن عباس . والثالث : أنه أبو جهل ابن هشام وأن هذه القصة جرت له ، رواه الضحاك عن ابن عباس . والرابع : أنه أُميَّةُ بن خَلَف ، قاله الحسن . والخامس : أنه أُبيُّ بن خَلَف الجُمَحي ، وهذه القصة جرت له ، قاله مجاهد ، وقتادة ، والجمهور ، وعليه المفسِّرون . ومعنى الكلام : التعجُّب مِنْ جهل هذا المخاصِم في إِنكاره البعث ؛ والمعنى : ألا يَعلم أنه مخلوق فيتفكر في بدء خلقه فيترك خصومته ؟ ! وقيل : هذا تنبيه له على نعمة الله عليه حيث أنشأه من نطفة فصار مجادلاً . { وضرب لنا مثلاً } في إِنكار البعث بالعَظْم البالي حين فتَّه بيده ، وتعجَّب ممن يقول : إِن الله يُحْييه { ونَسِيَ خَلْقَهُ } أي : نَسِيَ خَلْقَنا له ، أي : تَرَكَ النَّظَر في خَلْق نفسِه ، إِذ خُلِق من نُطْفة . { قال من يُحْيِي العظامَ وهي رَميمٌ } ! أي : بالية يقال : رَمَّ العَظْمُ ، إِذا بَلِيَ ، فهو رَمِيمٌ ، لأنه معدول عن فاعله ، وكل معدول عن وجهه و وزنه فهو مصروف عن إِعرابه كقوله : { وما كانتْ أُمُّكِ بَغِْيّاً } [ مريم : 28 ] ، فأسقط الهاء لأنها مصروفة عن " باغية " ؛ فقاس هذا الكافر قُدرة الله تعالى بقُدرة الخَلْق ، فأنكر إِحياء العظم البالي لأن ذلك ليس في مقدور الخَلْق . { قُلْ يُحْييها الذي أَنشأهَا } أي : ابتدأ خَلْقها { أَوَّلَ مَرَّةٍ وهو بكُلِ خَلْقٍ } من الابتداء والإِعادة { عليمٌ } . { الذي جَعَلَ لكم مِنَ الشَّجر الأخضر ناراً } قال ابن قتيبة : أراد الزُّنُودَ التي تُورِي بها الأَعرابُ من شجر المَرْخِ والعَفَار . فإن قيل : لم قال : " الشَّجَرِ الأَخضرِ " ولم يقل : الشَّجَرِ الخُضْر ؟ فالجواب : أن الشجر جمع ، وهو يؤنَّث ويذكَّر ، قال الله تعالى : { فمالئون منها البُطونَ } [ الواقعة : 53 ] ، وقال : { فإذا أنتم منه توقِدونَ } . ثم ذكر ما هو أعظم من خَلْق الإِنسان ، فقال : { أوَ لَيْسَ الذي خَلَقَ السَّماواتِ والأرضِ بِقادِرٍ } وقرأ أبو بكر الصِّدِّيق ، وعاصم الجحدري : { يَقْدِرُ } بياء من غير ألف { على أن يَخْلُقَ مِثْلَهم } ؟ ! وهذا استفهام تقرير ؛ والمعنى : مَنْ قَدَرَ على ذلك العظيم ، قَدَرَ على هذا اليسير . وقد فسرنا معنى { أن يَخْلُقَ مِثْلَهم } في [ بني إسرائيل : 99 ] ؛ ثم أجاب هذا الاستفهام فقال : { بلى وهو الخَلاّقُ } يخلُق خَلْقاً بَعْدَ خَلْق . وقرأ أُبيُّ بن كعب ، والحسن ، وعاصم الجحدري : { وهو الخَالِقُ } { العليمُ } بجميع المعلومات . والمَلَكوتُ والمُلْكُ واحد . وباقي السورة قد تقدم شرحه [ البقرة : 117 ، 32 ، الأنعام : 75 ] .