Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 164-182)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أَخبر عن الملائكة بقوله : { وما مِنّا } والمعنى : ما مِنّا مَلَك { إلاّ له مَقامٌ مَعلومٌ } أي : مكان في السموات مخصوص يعبُد اللهَ فيه { وإِنّا لَنَحْنُ الصّافُّونَ } قال قتادة : صفوف في السماء . وقال السدي : هو الصلاة . وقال ابن السائب : صفوفهم في السماء كصفوف أهل الدنيا في الأرض . قوله تعالى : { وإِنّا لَنَحْنُ المُسَبِّحونَ } فيه قولان : أحدهما : المُصَلُّون . والثاني : المنزِّهون لله عز وجل عن السُّوءِ . وكان عمر بن الخطاب إذا أُقيمت الصلاة أقبل على الناس بوجهه وقال : يا أيها الناس استوُوا ، فإنما يريد اللهُ بكم هَدْي الملائكة ، { وإِنّا لَنَحْنُ الصّافُّون ، وإِنّا لَنَحْنُ المُسَبِّحون } . ثم عاد إلى الإِخبار عن المشركين ، فقال : { وإِنْ كانوا لَيَقُولونَ } اللام في " لَيَقُولونَ " لام توكيد ؛ والمعنى : وقد كان كفار قريش يقولون قبل بعثة النبيّ صلى الله عليه وسلم ، { لو أنّ عندنا ذِكْراً } أي : كتاباً { من الأَوَّلِينَ } أي : مثل كتب الأولين ، وهم اليهود والنصارى ، { لَكُنّا عِبَادَ الله المُخْلَصِينَ } أي : لأَخلصْنا العبادة لله عز وجل . { فكَفَروا به } فيه اختصار ، تقديره : فلمّا آتاهم ما طلبوا ، كفروا به ، { فسوف يَعْلَمونَ } عاقبة كفرهم ، وهذا تهديد لهم . { ولقد سَبَقَتْ كَلِمَتُنا } أي : تقدَّم وَعْدُنا للمرسَلِين بنصرهم ، والكلمة قوله { كَتَب اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنا ورُسُلِي } [ المجادلة : 21 ] ، { إِنّهم لَهُمُ المصُورون } بالحُجَّة ، { وإنَّ جُندنا } يعني حزبنا المؤمنين { لَهُمُ الغالِبونَ } بالحُجَّة أيضاً والظَّفَر . { فَتَوَلَّ عنهم } أي : أعرِض عن كفار مكة { حتى حينٍ } أي : حتى تنقضيَ مُدَّةُ إِمهالهم . وقال مجاهد : حتى نأمرَك بالقتال ؛ فعلى هذا الآيةُ محْكَمة . وقال في رواية : حتى الموت ؛ وكذلك قال قتادة . وقال ابن زيد : حتى القيامة ؛ فعلى هذا ، يتطرَّق نسخُها . وقال مقاتل بن حيّان : نسختها آيةُ القتال . قوله تعالى : { وأَبْصَرهُمْ } أي : انظُر إِليهم إِذا نزل العذاب . قال مقاتل بن سليمان : هو العذاب ببدر ؛ وقيل : أَبْصِر حالَهم بقلبك { فسوف يُبْصِرونَ } ما اْنكروا ، وكانوا يستعجلون بالعذاب تكذيباً به ، فقيل : { أَفَبِعذابنا يستعْجِلونَ } . { فإذا نَزَلَ } يعني العذاب . وقرأ ابن مسعود ، وأبو عمران ، والجحدري ، وابن يعمر : { فإذا نُزِّل } برفع النون وكسر الزاي وتشديدها { بِساحتهم } أي : بفِنائهم وناحيتهم ، والساحة فِناء الدّار . قال الفراء : العرب تكتفي بالساحة والعَقْوة من القوم ، فيقولون : نزل بك العذاب وبساحتك . قال الزجاج : فكان عذابُ هؤلاء القتل { فَساءَ صباحُ المُنْذَرِينَ } أي : بِئْسَ صباحُ الذين أًنذروا العذاب . ثم كرَّر ما تقدم توكيداً لوعده بالعذاب ، فقال : { وتَوَلَّ عنهم … } الآيتين . ثم نزَّه نفسَهُ عن قولهم بقوله تعالى : { سُبْحانَ ربِّكَ ربِّ العِزَّةِ } قال مقاتل : يعني : عِزَّةَ مَنْ يتعزَّز من ملوك الدنيا . قوله تعالى : { عَمَّا يَصِفُونَ } أي : من اتِّخاذ النساء والأولاد . { وسَلاَمٌ على المُرْسَلِينَ } فيه وجهان : أحدهما : تسليمُه عليهم إكراماً لهم . والثاني : إِخباره بسلامتهم . { والحَمْدُ للهِ ربِّ العالَمِينَ } على هلاك المُشْرِكِينَ ونُصرة الأنبياء والمرسَلين .