Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 50-61)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فأقَبلَ بعضُهم على بعض } يعني أهل الجنة { يتساءلون } عن أحوال كانت في الدنيا . { قال قائل منهم إِنِّي كان لي قَرِينٌ } فيه أربعة أقوال : أحدها : أنه الصّاحب في الدنيا . والثاني : أنه الشريك رويا عن ابن عباس . والثالث : أنه الشيطان ، قاله مجاهد . والرابع : أنه الأخ ؛ قال مقاتل : وهما الأَخوان المذكوران في سورة [ الكهف : 32 ] في قوله : { واضْرِب لهم مَثَلاً رَجُلَينِ } والمعنى : كان لي صاحب أو أخ يُنْكِر البعث ، { يقول أَئنَّكَ لَمِنَ المُصَدِّقِينَ } قال الزجاج : هي مخففة الصاد ، من صدَّق يصدِّق فهو مصدِّق ، ولا يجوز هاهنا تشديد الصاد . قال المفسرون : والمعنى : أئنَّك لَمِن المُصَدِّقِين بالبعث ؟ وقرأ بكر بن عبد الرحمن القاضي عن حمزة { المُصَّدِقِينَ } بتشديد الصاد . قوله تعالى : { أَئنا لَمَدِينُونَ } أي : مَجْزِيُّون بأعمالنا ؛ يقال : دِنْتُهُ بما صنع ، أي : جازيته ، فأحَبَّ المؤمِنُ أن يَرى قرينَه الكافر ، فقال لأهل الجنَّة ، { هل أنتم مُطْلِعُونَ } أي : هل تحبُّون الاطِّلاع إِلى النَّار لتَعْلَمُوا أين منزلتُكم من منزلة أهلها ؟ وقرأ ابن عباس ، والضحاك ، وأبو عمران ، وابن يعمر : { هل أنتم مُطْلِعُونَ } بإسكان الطاء وتخفيفها { فأطْلِعَ } بهمزة مرفوعة وسكون الطاء . وقرأ أبو رزين ، وابن أبي عبلة : { مُطلِعونِ } بكسر النون . قال ابن مسعود : اطَّلع ثم التفت إلى أصحابه فقال : لقد رأيتُ جماجم القوم تغلي ؛ قال ابن عباس : وذلك أن في الجنة كُوىً ينظُر منها أهلُها إِلى النار . قوله تعالى : { فرآه } يعني قرينة الكافر { في سَواءِ الجحيم } أي : في وسَطها . وقيل : إِنما سمي الوسَط سَواءً ، لاستواء المسافة منه إلى الجوانب . قال خُليد العَصْري : واللهِ لولا أنَّ الله عرَّفه إَيَّاه ، ما عرفه ، لقد تغيَّر حَبْرُه وسِبْرُه . فعند ذلك { قال تالله إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ } قال المفسرون : معناه : واللهِ ما كِدْتَ إلاّ تُهْلِكني ؛ يقال : أرديتُ فلاناً أي : أهلكْته { ولولا نِعْمةُ ربِّي } أي : إنعامه عليَّ بالإِسلام { لَكُنْتُ مِنَ المُحْضَرِينَ } معك في النّار . قوله تعالى : { أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : أنه إذا ذُبح الموت ، قال أهل الجنة : { أفَمَا نحن بميِّيتنَ ، إِلاّ مَوْتَتَنا الأُولى } التي كانت في الدنيا { وما نحن بمعذَّبِينَ } ؟ فيقال لهم : لا ؛ فعند ذلك قالوا : { إنْ هذا لَهُوَ الفَوْزُ العظيمُ } ، فيقول الله تعالى { لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العامِلونَ } ، قاله ابن السائب . وقيل : يقول ذلك للملائكة . والثاني : أنه قول المؤمن لأصحابه ، فقالوا له : إنك لا تموت ، فقال : { إنْ هذا لَهُوَ الفَوْزُ العظيمُ } ، قاله مقاتل . وقال أبو سفيان الدمشقي : إِنما خاطب المؤمنُ أهلَ الجنة بهذا على طريق الفرح بدوام النَّعيم ، لا على طريق الاستفهام ، لأنه قد عَلِمَ أنَّهم ليسوا بميِّتين ، ولكن أعاد الكلام ليزداد بتكراره على سمعه سروراً . والثالث : أنه قول المؤمن لقرينه الكافر على جهة التوبيخ بما كان يُنْكِره ، ذكره الثعلبي . قوله تعالى : { لِمِثل هذا } يعنى النعيم الذي ذَكَره في قوله { أولئك لهم رزق معلوم } [ الصافات : 41 ] { فَلْيَعْمَلِ العامِلُونَ } ، وهذا ترغيب في طلب ثواب الله عز وجل بطاعته .