Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 1-3)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

واختلفوا في معنى { ص } على سبعة أقوال : أحدها : أنه قَسَم أَقسم اللهُ به ، وهو من أسمائه ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . والثاني : أنه بمعنى صَدَقَ محمدٌ ، رواه عطاء عن ابن عباس . والثالث : صَدَقَ اللهُ ، قاله الضحاك . وقد روي عن ابن عباس أنه قال : معناه صادق فيما وَعََدَ . وقال الزجاج : معناه : الصادقُ اللهُ تعالى . والرابع : أنه اسم من أسماء القرآن ، أَقسَمَ اللهُ به ، قاله قتادة . والخامس : أنه اسم حَيَّة رأسُها تحت العرش وذَنَبُها تحت الأرض السُّفلى ، حكاه أبو سليمان الدمشقي ، وقال : أظنه عن عكرمة . والسادس : أنه بمعنى : حادِثِ القرآن ، أي : انظُر فيه ، قاله الحسن ، وهذا على قراءة من كسروا ، منهم ابن عباس ، [ والحسن ] ، وابن أبي عبلة . قال ابن جرير : فيكون المعنى : صادِ بِعَمَلِكَ القرآن ، أي : عارِضْه . وقيل : اعْرَضْه على عملك ، فانظُر أين هو [ منه ] . والسابع : أنه بمعنى : صادَ محمدٌ قلوبَ الخَلْق واستمالها حتى آمَنوا به وأَحَبُّوه . حكاه الثعلبي ، وهذا على قراءة من فتح . وهي قراءة أبي رجاء ، وأبي الجوزاء ، وحميد ، ومحبوب عن أبي عمرو . قال الزجاج : والقراءة " صادْ " ، بتسكين الدال ، لأنها من حروف التَّهجِّي ، وقد قُرئتْ بالفتح وبالكسر ، فمن فتحها ، فعلى ضربين : أحدهما : لالتقاء الساكنين . والثاني : على معنى : أُتْلُ " صاد " ، ويكون [ صاد ] اسماً للسورة لاينصرف ؛ ومن كسر ، فعلى ضربين : أحدهما : لالتقاء الساكنين أيضاً . والثاني : على معنى : صادِ القرآن بعملك ، من قولك : صَادَى يُصَادِي : إِذا قابَل وعادَل ، يقال : صادَيْتُه : إِذا قابَلْته . قوله تعالى : { ذِي الذِّكْرِ } في المراد بالذِّكْر ثلاثة أقوال : أحدها : أنه الشَّرَف ، قاله ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، والسدي . والثاني : البيان ، قاله قتادة . والثالث : التذكير ، قاله الضحاك . فإن قيل : أين جواب القسَم بقوله : { ص والقرآنِ ذِي الذِّكْرِ } ؟ فعنه خمسة أجوبة : أحدها : أن " ص " جواب لقوله : { والقرآن } ، فـ { ص } في معناها ، كقولك : وَجَبَ واللهِ ، نَزَلَ واللهِ ، حَقٌّ واللهِ ، قاله الفراء ، وثعلب . والثاني : أن جواب { ص } قوله { كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِم مِنْ قَرْنٍ } ، ومعناه : لَكَمْ . فلمّا طال الكلام ، حُذفت اللامُ ، ومِثله : { والشَّمْسِ وضُحاها } [ الشمس : 1 ] { قد أَفْلَحَ } [ الشمس : 9 ] ، فإن المعنى : لقد أَفْلَحَ ، غير أنه لمّا اعترض بينهما كلام ، تبعه قوله : { قد أَفْلَحَ } ، حكاه الفراء ، وثعلب أيضاً . والثالث : أنه قوله : { إِنْ كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ } [ ص : 14 ] ، حكاه الأخفش . والرابع : أنه قوله : { إِنَّ ذلكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النّارِ } [ ص : 64 ] ، قاله الكسائي . وقال الفراء : لا نجده مستقيماً في العربية ، لِتأخُّره جداً عن قوله { والقرآنِ } . والخامس : أن جوابه محذوف ، تقديره : والقرآنِ ذي الذِّكْر ما الأَمْرُ كما يقول الكُفَّار ، ويدل على هذا المحذوف قولُه { بَلِ الذين كَفَروا في عِزَّةٍ وشقاقٍ } ، ذكره جماعة من المفسرين ، وإِلى نحوه ذهب قتادة . والعِزَّةُ : الحَمِيَّةُ والتكبُّر عن الحَقّ . وقرأ عمرو بن العاص ، وأبو رزين ، وابن يعمر ، وعاصم الجحدري ، ومحبوب عن أبي عمرو : { في غِرَّةٍ } بغين معجمة و راء غير معجمة . والشِّقاق : الخِلاف والعداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد سبق بيان الكلمتين مشروحاً [ البقرة : 206 ، 138 ] . ثم خوَّفهم بقوله تعالى : { كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهم مِنْ قَرْنٍ } يعنى الأُمم الخالية { فنادَوْا } عند وقوع الهلاك بهم . وفي هذا النداء قولان : أحدهما : أنه الدُّعاء . والثاني : الاستغاثة . قوله تعالى : { ولاتَ حينَ مَناصٍ } وقرأ الضحاك ، وأبو المتوكل ، وعاصم الجحدري ، وابن يعمر : { ولاتَ حينُ } بفتح التاء ورفع النون . قال ابن عباس : ليس حين يروه فِرار . وقال عطاء : في لغة أهل اليمن { لاتَ } بمعنى " ليس " . وقال وهب بن منبه : هي بالسريانية . وقال الفراء : " لاتَ " بمعنى " ليس " . والمعنى : ليس بحينِ فِرار . ومن القرّاء من يَخْفضُ " لاتِ " ، والوجه النَّصْب ، لأنها في معنى " ليس " . أنشدني المفضَّل : @ تَذَكَّرَ حُبَّ لَيْلَى لاتَ حِينا وأضْحَى الشَّيْبُ قَدْ قَطَعَ القَرِينا @@ قال ابن الأنباري : كان الفراء والكسائي والخليل وسيبويه والأخفش وأبو عبيدة يذهبون إلى أن التاء في قوله تعالى : { ولاتَ } منقطعة من { حين } قال : وقال أبو عبيدة : الوقف عندي على هذا الحرف { ولا } ، والابتداء { تحين } لثلاث حُجج : إِحداهن : أن تفسير ابن عباس يشهد لها ، لأنه قال : ليس حِينَ يَرَوْه فِرار ؛ فقد عُلِمَ أنّ { ليس } هي أخت { لا } وفي معناها . والحُجة الثانية : أنّا لا نَجِدُ في شيء من كلام العرب { ولات } ، إنما المعروفة { لا } . والحجة الثالثة : أن هذه التاء ، إنما وجدناها تلحق مع { حين } ومع { الآن } ومع الـ { أوان } فيقولون : كان هذا تحين كان ذلك ، وكذلك : " تأوان " ، ويقال : اذهب تَلانَ ، ومنه قول أبي وجزة السعدي : @ العَاطِفُونَ تَحِينَ مَا مِنْ عَاطِفٍ والمَطْعِمُونَ زَمَانَ مَا مِنْ مُطْعِمِ @@ وذكر ابن قتيبة عن ابن الأعرابي أن معنى هذا البيت : " العاطفونة " بالهاء ، ثم تبتدىء : " حينَ مامِنْ عاطِفٍ " ، قال ابن الأنباري : وهذا غلط لأن الهاء إنما تُقْحَم على النُّون في مواضع القَطْعُ والسُّكون ، فأمّا مع الاتصال ، فإنه غير موجود . وقال عليّ بن أحمد النيسابوري : النحويُّون يقولون في قوله { ولاتَ } هي { لا } زيدت فيها التاء ، كما قالوا : ثُمَّ وثُمَّتْ ، ورُبَّ ورُبَّتْ ، وأصلها هاءٌ وُصِلَتْ بـ { لا } فقالوا : " لاه " فلمّا وَصَلُوها ، جعلوها تاءً ؛ والوقف عليها بالتاء عند الزجاج ، وأبي عليّ ، وعند الكسائي بالهاء ، وعند أبي عبيد الوقف على { لا } . فأما المَناص ، فهو الفرار . قال الفراء : النَّوْص في كلام العرب : التأخُّر ؛ والبَوْصُ : التقدّم . قال إمرؤ القَيْس : @ أَمِنْ ذِكْرِ سَلْمَى إِذْ نأَتْكَ تَنُوصُ فتَقْصُرُ عَنْها خَطْوَةً وتَبُوصُ @@ وقال أبوعبيدة : المَنَاصُ : مصدر نَاصَ يَنُوصُ ، وهوالمنجى والفوز .