Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 4-11)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وعَجِبوا } يعني الكفار { أَنْ جاءَهم مُنْذِرٌ مِنْهُمْ } يعني رسولاً من أَنْفُسهم يُنْذِرُهم النَّارَ . { أجعل الآلهة إِِلهاً واحداً } لأنه دعاهم إلى الله وحده وأبطل عبادة آلهتهم ؛ وهذا قولهم لمّا اجتمعوا عند أبي طالب ، وجاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أتُعطوني كلمة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم ، وهي " لا إِله إِلا الله " ، فقاموا يقولون : { أَجَعَلَ الآلهةَ إِلهاً واحداً } ونزلت هذه الآية فيهم . { إِنّ هذا } [ الذي ] يقول محمد من أن الآلهة إِله واحد { لَشَيءٌ عُجابٌ } أي : لأمرٌ عَجَبٌ . وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي ، وأبو العالية ، وابن يعمر ، وابن السميفع : { عُجّابٌ } بتشديد الجيم . قال اللغويون : العُجَاب والعجّاب والعجيب بمعنى واحد ، كما تقول : كَبِيرٌ وكُبَارٌ وكُبَّارٌ ، وكَرِيمٌ وكُرامٌ وكُرَّامٌ ، وطَوِيلٌ وطُوَالٌ وطُوَّالٌ ؛ وأنشد الفراء : @ جاؤوا عَجَبٍ مِنَ العَجَبْ أُزَيْرِقِ العينينِ طُوَّالِ الذَّنَبْ @@ قال قتادة : عجب المشركون أن دُعي اللهُ وَحْدَه وقالوا : أَيَسْمَعُ لِحاجاتنا جميعاً إِلهٌ واحد ؟ . وقوله تعالى : { وانْطَلَقَ المَلأُ منهم } قال المفسرون : لمّا اجتمع أشراف قريش عند أبي طالب وشَكَوا إِليه رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على ما سبق بيانه ، نفروا من قوله : " لا إِله إِلا الله " ، وخرجوا من عند أبي طالب ، فذلك قوله { وانْطَلَقَ الملأُ منهم } . والانطلاق : الذّّهَابُ بسهولة ، ومنه طَلاَقَةُ الوَجْه ، والملأُ أشراف قريش ، فخرجوا يقول بعضهم لبعض : { امْشُوا } و { أن } بمعنى " أي " ؛ فالمعنى : أي : امْشُوا . قال الزجاج : ويجوز أن يكون المعنى : انْطَلِقوا بأن امْشُوا ، أي : انْطَلَقوا بهذا القول . وقال بعضهم : المعنى : انْطَلَقوا يقولون : امْشُوا إِلى أبي طالب فاشْكُوا إليه ابنَ أخيه ، { واصبروا على آلهتكم } أي : اثبُتوا على عبادتها { إنّ هذا } الذي نراه من زيادة أصحاب محمد { لَشَيءٌ يُراد } أي : لأمرٌ يُرادُ بِنَا . { ما سَمِعْنا بهذا } الذي جاء به محمدٌ من التوحيد { في المِلَّة الآخِرةِ } وفيها ثلاثة أقوال : أحدها : النصرانية ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وإِبراهيم بن المهاجر عن مجاهد ، وبه قال محمد بن كعب القرظي ، ومقاتل . والثاني : أنها مِلَّة قريش ، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد ، وبه قال قتادة . والثالث : اليهودية والنصرانية ، قاله الفراء ، والزجاج ؛ والمعنى أن اليهود أشركت بعُزَير ، والنصارى قالت : ثالث ثلاثة ، فلهذا أنْكَرَتِ التوحيدَ . { إنْ هذا } الذي جاء به محمدٌ صلى الله عليه وسلم ، { إِلا اختلاقٌ } أي : كذب . { أَأُنزل عليه الذِّكر } يعنون القرآن . " عليه " يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، { مِنْ بينِنا } أي : كيف خُصَّ بهذا دونَنَا ، وليس بأعلانا نَسَباَ ولا أعظمَنا شَرَفاَ ؟ ! قال الله تعالى : { بَلْ هُمْ في شَكٍّ مِنْ ذِكْري } أي : من القرآن ؛ والمعن : أنهم ليسوا على يقين ممّا يقولون ، إِنما هم شاكُّون { بَلْ لَمّا } قال مقاتل : " لمّا " بمعنى " لم " كقوله { ولمّا يَدْخُلِ الإِيمانُ في قُلوبكم } [ الحجرات : 14 ] . وقال غيره : هذا تهديد لهم . والمعنى : أنه لو نزل بهم العذاب ، علموا أن ما قاله محمدٌ حقٌّ . وأثبت ياء { عذابي } في الحالين يعقوب . قال الزجاج : ولما دَلَّ قولُهم : { أَأُنْزِلَ عليه الذِّكْرُ } على حسدهم له ، أعلم اللهُ عز وجل أن المُلْك والرِّسالة إِليه ، فقال : { أَمْ عِنْدَهم خزائنُ رَحْمَةِ ربِّكَ } ؟ ! قال المفسرون : ومعنى الآية : أبأيديهم مفاتيحُ النُّبوَّة فيضعونها حيث شاؤوا ؟ ! والمعنى : ليست بأيديهم ، ولا مُلْكُ السموات والأرض لهم . فإن ادّعَوْا شيئاً من ذلك { فَلْيَرْتَقُوا في الأَسبابِ } . قال سعيد بن جبير : أي : في أبواب السماء . وقال الزجاج : فليصعدوا في الأسباب التي توصلهم إلى السماء . قوله تعالى : { جُنْدٌ } أي : هُمْ جُنْدٌ . والجُند : الأَتباع ؛ فكأنه قال : هُمْ أَتباعٌ مقلِّدون ليس فيهم عالِمٌ راشد . و { ما } زائدة ، و { هنالك } إِشارة إِلى بدر . والأحزاب : جميع مَنْ تقدَّمهم من الكفار الذين تحزَّبوا على الأنبياء . قال قتادة : أخبر اللهُ نبيَّه وهو بمكة أنه سيَهْزِمُ جُند المشركين ، فجاء تأويلُها يومَ بدر .