Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 67-88)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { قُلْ هُوَ نَبَأُ عظيمٌ } النَّبأُ : الخَبَر . وفي المشار إِليه قولان . أحدهما : أنه القرآن ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، والجمهور . والثاني : أنه البعث بعد الموت ، قاله قتادة ، { أنتم عنه مُعْرِضُونَ } أي : لا تتفكَّرون فيه فتعلمونَ صِدْقي في نُبوَّتي ، وأن ما جئتُ به من الأخبار عن قصص الماضين لم أَعْلَمْه إِلاّ بوحي من الله . ويدل على هذا المعنى قوله { ما كان ليَ من عِلْمٍ بالملأِ الأعلى } يعني الملائكة { إِذ يَخْتَصِمُونَ } في شأن آدمَ حين قال الله تعالى : { إِنِّي جاعلٌ في الأرض خَليفةً } [ البقرة : 30 ] ؛ والمعنى : إِنِّي ما عَلِمْتُ هذا إلاّ بوحي ، { إِنْ يُوحَى إِليَّ } أي : ما يوحى إليَّ { إلاّ أنمَّا أنا نذيرٌ } [ أي ] : إِلاّ أنِّي نبيٌّ أُنْذرِكم وأبيِّن لكم ما تأتونه وتجتنبونه . { إِذ قال ربُّكَ } هذا متصل بقوله : " يختصمونَ " ، وإنما اعترضت تلك الآية بينهما . قال ابن عباس : اختصَموا حين شُوورِوا في خَلْق آدم ، فقال الله لهم : { إِنِّي جاعلٌ في الأرض خليفة } ، وهذه الخصومة منهم إنما كانت مُناظَرةً بينهم . وفي مُناظَرتهم قولان : أحدهما : أنه قولهم : { أتَجْعَلُ فيها من يُفْسِدُ فيها } [ البقرة : 30 ] ، قاله ابن عباس ، ومقاتل . والثاني : أنهم قالوا : لن يَخْلُقَ اللهُ خَلْقاً إِلاّ كُنّا أكرمَ منه وأَعْلَمَ . قاله الحسن ؛ هذا قول الأكثر من المفسرين . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " رأيتُ ربِّي عز وجل ، فقال لي : فيمَ يختصِم الملأُ الأعلى ؟ قلت : أنتَ أَعْلَمُ يا ربّ ، قال : في الكفّارات والدرجات ، فأمّا الكفّارات ، فإسباغ الوُضوء في السَّبَرات ، ونقل الأقدام إِلى الجماعات ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة . وأمّا الدَّرَجات ، فإفشاء السَّلام ، وإِطعامُ الطَّعام ، والصَّلاةُ باللَّيل والنّاس نيام " قوله تعالى : { أَسْتَكْبَرْتَ } أي : أَسْتَكْبَرْتَ بنفسكَ حين أبَيْتَ السُّجودَ { أَمْ كُنْتَ مِنَ العالِينَ } أي : من قوم يتكبَّرونَ فتكبَّرْتَ عن السُّجود لِكَونكَ من قوم يتكبَّرونَ . قوله تعالى : { فإنَّكَ رَجِيمٌ } أي : مَرْجُومٌ بالذَّمِّ واللَّعْن . قوله تعالى : { إلى يوم الوقت المعلوم } وهو وقت النَّفخة الأُولى ، وهو حين موت الخلائق . وقوله : { فبِعزَّتِكَ } يمين بمعنى : فوَعِزَّتِك . وما أخللنا به في هذه القصة فهو مذكور في [ الأعراف : 12 ] و [ الحجر : 34 ] وغيرهما مما تقدم . قوله تعالى : { قال فالحَقُّ والحَقُّ أقولُ } قرأ عاصم إِلا حَسْنون عن هبيرة ، وحمزة ، وخلف ، وزيد عن يعقوب : { فالحَقُّ } بالرفع في الأول ونصب الثاني . وهذا مروي عن ابن عباس ، ومجاهد ؛ قال ابن عباس في معناه : فأنا الحقُّ وأقولُ الحَقُّ ؛ وقال غيره : خبر الحقِّ محذوف ، تقديره : الحَقُّ مِنِّي . وقرأ محبوب عن أبي عمرو بالرفع فيهما ؛ قال الزجّاج : من رفعهما جميعاً ، كان المعنى : فأنا الحقُّ والحَقُّ أقولُ . وقرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، والكسائي : بالنصب فيهما . قال الفراء : وهو على معنى قولك : حَقّاً لآتِيَنَّكَ ، ووجودُ الألف واللام وطرحُهما سواءٌ ، وهو بمنزلة قولك : حمداً لله . وقال مكّيّ بن أبي طالب : انتصب الحق الأول على الإِغراء ، أي : اتَّبِعوا الحَقَّ ، واسمَعوا والزَموا الحَقَّ . وقيل : هو نصب على القَسَم كما تقول : اللهَ لأَفْعَلَنَّ ، فتَنْصِب حين حذفتَ الجارّ ، لأن تقديره : فبالحَقّ ؛ فأمّا الحَقُّ الثاني ، فيجوز أن يكون الأولَ ، وكرَّره توكيداً ، ويجوز أن يكون منصوباً بـ { أقولُ } ، كأنه قال : وأقولُ الحَقَّ . وقرأ ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وأبو رجاء ، ومعاذ القارىء ، [ والأعمش ] : { فالحَقِّ } بكسر القاف { والحَقَّ } بنصبها . وقرأ أبو عمران [ الجوني ] : بكسر القافين جميعاً . وقرأ أبو المتوكل ، وأبو الجوزاء ، وأبو نهيك : { فالحَقَّ } بالنصب { والحَقُّ } بالرفع . قوله تعالى : { لأمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ } أي : مِنْ نَفْسِكَ وذريتك . { قُلْ ما أسألُكم عليه من أَجْرٍ } أي : على تبليغ الوحي { وما أنا من المتكلِّفينَ } أي : لم أتكلَّف إِتيانَكم من قِبَلِ نَفْسي ، إنما أُمرتُ أن آتيَكم ، ولم أَقُل القرآنَ من تِلْقاء نفسي ، إِنما أُوحيَ إِليَّ . { إِنْ هُوَ } أي : ماهو ، يعني القرآن { إِلاّ ذِكْرٌ } أي : موعظة { للعالَمِين } . { ولَتَعْلِمُنَّ } يا معاشر الكُفّار { نَبَأَهُ } أي : خبر صِدق القرآن { بعد حينٍ } وفيه ثلاثة أقوال : أحدها : بعد الموت . والثاني : يوم القيامة ، رويا عن ابن عباس ، وبالأول يقول قتادة ، وبالثاني يقول عكرمة . والثالث : يوم بدر ، قاله السدي ، ومقاتل . وقال ابن السائب : من بقي إِلى أن ظَهَرَ أمرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عَلِمَ ذلك ، ومن مات عَلِمَه بعد الموت . وذهب بعض المفسرين إِلى أن هذه الآية منسوخة بآية السيف ، ولا وجه لذلك .