Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 11-18)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ } قال مقاتل : وذلك أن كُفّار قريش قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ما حَمَلك على الذي أتيتَنا به ؟ ! ألا تنظُر إِلى مِلَّة آبائك فتأخذ بها ؟ ! فنزلت هذه الآية . والمعنى { قل إِنِّي أُمِرْتُ أنْ أعبُد الله مُخْلِصاً له الدِّينَ } أي : أُمِرْتُ أن أعبُدَه على التوحيد والإِخلاص السالم من الشّرك ، { وأُمِرْتُ لأَنْ أكونَ أوَّلَ المُسْلِمِينَ } من هذه الأُمَّة . { قُلْ إِنِّي أخافُ إِنْ عَصَيْتُ ربِّي } بالرجوع إلى دين آبائي ، { عذابَ يَوْمٍ عظيمٍ } وقد اختلفوا في نسخ هذه الآية كما بيَّنّا في نظيرتها في [ الأنعام : 15 ] . { قُلِ اللهَ أعبُدُ مُخْلِصاً له دِيني } بالتوحيد ، { فاعبُدوا ماشِئتُم } ، وهذا تهديد ، وبعضهم يقول : هو منسوخ بآية السيف ، وهذا باطل ، لأنه لو كان أمراً ، كان منسوخاً ، فأمّا أن يكون بمعنى الوعيد ، فلا وجه لِنَسْخه . { قُلْ إِنَّ الخاسرينَ الذين خَسِروا أنفسُهم } بأن صاروا إِلى النار . ( و ) خسروا ( أهليهم ) فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنهم خَسِروا الحُور العين اللَّواتي أُعْدِدْنَ لهم في الجنة لو أطاعوا ، قاله الحسن وقتادة . والثاني : خَسِروا الأهل في النَّار ، إِذ لا أهَل لهم فيها ، قاله مجاهد ، وابن زيد . والثالث : خَسِروا أهليهم الذين كانوا في الدنيا ، إِذ صاروا إلى النار بكُفرهم ، وصار أهلوههم إِلى الجَنَّة بإيمانهم ، قاله الماوردي . قوله تعالى : { لهم مِنْ فَوقهم ظُلَلٌ مِنَ النّار } وهي الأطباق من النار . وإِنما قال : { ومِنْ تحتهم ظُلَلٌ } لأنَّها ظُلَلٌ لِمَنْ تحتَهم ( ذلك ) الذي وصف اللهُ من العذاب { يُخَوِّفُ اللهُ به عباده } المؤمنين . قوله تعالى : { والذين اجتَنَبوا الطّاغوتَ } روى ابن زيد عن أبيه أن هذه الآية والتي بعدها نزلت في ثلاثة نَفَرٍ كانوا في الجاهلية يوحِّدون الله تعالى : زيدِ ابن عمرو بن نُفَيل ، وأبي ذَرّ ، وسلمان الفارسي ، رضى الله عنهم ؛ قال { أولئك الذين هداهم اللهُ } بغير كتاب ولا نبيّ . وفي المراد بالطّاغوت هاهنا ثلاثة أقوال . أحدها : الشياطين ، قاله مجاهد . والثاني : الكهنة ، قاله ابن السائب . والثالث : الأوثان ، قاله مقاتل ، فعلى قول مقاتل هذا إنما قال : " يعبُدوها " لأنها مؤنَّثة . وقال الأخفش : إنما قال : " يعبُدوها " لأن الطّاغوت في معنى جماعة ، وإن شئتَ جعلتَه واحداً مؤنَّثاً . قوله تعالى : { وأنابوا إِلى الله } أي : رجَعوا إِليه بالطّاعة { لهم البُشْرى } بالجنة { فبَشِّر عبادي } بباءٍ ، وحرَّك الياء أبوعمرو . ثم نعتهم فقال { الذين يستمِعونَ القول } وفيه ثلاثة أقوال : أحدها : [ أنه ] القرآن ، قاله الجمهور . فعلى ، هذا في معنى { فيَتَّبعونَ أحسنه } أقوال . قد شرحناها في [ الأعراف : 145 ] عند قوله { وأمُرْ قَوْمَكَ يأخُذوا بأحسنها } . والثاني : أنه جميع الكلام . ثم في المعنى قولان : أحدهما : [ أنه الرَّجُل ] يَجْلِس مع القوم فيَسْمَع كلامهم ، فيَعمل بالمحاسن ويحدِّث بها ، ويَكُفُّ عن المساوىء ولايُظْهِرها ، قاله ابن السائب . والثاني : [ أنه ] لمّا ادَّعى مسيلمة أنه قد أتى بقرآن ، وأتت الكهنة بالكلام المزخرَف في الأباطيل ، فرَّق المؤمنون بين ذلك وبين كلام الله ، فاتَّبَعوا كلامَ الله ، ورفضوا أباطيل أولئك . قاله أبو سليمان الدمشقي .