Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 29-31)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً } ثم بيَّنه فقال : { رجُلاً فيه شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ } قال ابن قتيبة : أي : مختلِفون ، يَتَنازعُون ويَتَشاحُّون فيه ، يقال : رجُلٌ شَكِسٌ . وقال اليزيدي : الشَّكسِ من الرجال : الضَّيِّق الخُلُق . قال المفسِّرون : وهذا مَثَل ضربه اللهُ للمؤمِن والكافر ، فإن الكافر يعبُد آلهةً شتَّى فمثَّله بعبدٍ يملكه جماعة يتافسون في خدمته ، ولا يقدرون أن يبلُغ رضاهم أجمعين ؛ والمؤمن يعبُد اللهَ وحده ، فمثَّله بعبدٍ لرجل واحد ، قد عَلِم مقاصدَه وعَرَفَ الطريق إلى رضاه ، فهو في راحة من تشاكس الخُلَطاء فيه ، فذلك قوله : { سالِماً لرجُل } قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو إٍِلاّ عبد الوارث في غير رواية القزَّاز ، وأبان عن عاصم { ورجُلا سالِماً } بألف وكسر اللام وبالنصب والتنوين فيهما ؛ والمعنى : ورجُلاً خالصاً لرجُل قد سَلِم له من غير مُنازِع . ورواه عبد الوارث إلاّ القزاز كذلك ، إلاّ أنه رفع الاسمين ، فقال : " ورجُلٌ سالِمٌ لرجُلٍ . وقرأ ابن أبي عبلة { سِلْمُ لِرَجُلٍ } بكسر السين ورفع الميم . وقرأ الباقون : { ورجُلاً سَلَماً } بفتح السين واللام [ وبالنصب ] فيهما والتنوين . والسَّلَم ، بفتح السين واللام ، معناه الصُّلح ، والسِّلم ، بكسرِ السين مثله . قال الزجاج : من قرأ : " سِلْماً " و " سَلْماً " فهما مصدران وُصِفَ بهما ، فالمعنى : ورجُلاً ذا سِلْمٍ لرجُل وذا سَلْمٍ لرجُل ؛ فالمعنى : ذا سِلْم ؛ والسَّلْم : الصُّلح ، والسِّلْم ، بكسر السين مِثْلُه . وقال ابن قتيبة : [ من قرأ ] { سَلَماً لِرَجُلٍ } أراد : سلَّم إليه فهو سِلْمٌ له . وقال أبو عبيدة : السِّلْم والسَّلم الصُّلح . قوله تعالى : { هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً } هذا استفهام معناه الإِنكار ، أي : لا يستويان ، لأن الخالص لمالك واحدٍ يَستحقُّ من معونته وإِحسانه ما لا يستحقُّه صاحب الشُّركاء المتشاكسين . وقيل : لا يستويان في باب الرّاحة ، لأنه هذا قد عرف الطريق إِلى رضى مالكه ، وذاك متحيّر بين الشُّركاء . قال ثعلب : وإِنما قال { هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً } ولم َيُقْل : مَثَلَيْنِ ، لأنهما جميعاً ضُرِبا مَثَلاً واحداً ، ومِثْلُه : { وجَعَلْنا ابْن مَريمَ وأُمَّه آيةً } [ المؤمنون : 50 ] ، ولم يَقُلْ : آيتين ، لأن شأنهما واحد ، وتم الكلام هاهنا . ثم قال : { الحمدُ لله } أي : له الحمد دون غيره من المعبودِين { بَلْ أكثرُهم لا يَعْلَمونَ } والمراد بالأكثر الكُلّ . ثم أخبر نبيَّه بما بعد هذا الكلام أنه يموت ، وأن الذين يكذِّبونه يموتون ، وأنهم يجتمعون للخُصومة عند الله عز وجل ، المُحِقُّ والمُبطلُ ، والمظلومُ والظالمُ . وقال ابن عمر : نزلتْ هذه الآية وما ندري ما تفسيرها ، وما نرى أنها نزلتْ إلاّ فينا وفي أهل الكتابين ، حتى قُتِل عثمان ، فعرفتُ أنها فينا نزلتْ وفي لفظ آخر : حتى وقعت الفتنة بين عليّ ومعاوية .