Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 10-14)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وما اختلفتم فيه من شيءٍ } أي : من أمر الدِّين ؛ وقيل : بل هو عامّ { فحُكمه إِلى الله } فيه قولان . أحدهما : علمه عند الله . والثاني : هو يحكُم فيه . قال مقاتل . وذلك أن أهل مكة كفر بعضهم بالقرآن وآمن بعضهم ، فقال الله : أنا الذي أحكُم فيه { ذلكم اللهُ } الذي يحكُم بين المختلفين هو { ربِّي عليه توكلت } في مهمّاتي { وإِليه أُنيب } أي : أرجِع في المَعاد . { فاطرُ السموات } قد سبق بيانه [ الأنعام : 14 ] ، { جعل لكم من أنفُسكم } أي : من مِثل خَلْقكم { أزواجاً } نساءً { ومن الأنعام أزواجاً } أصنافاً ذكوراً وإناثاً ، والمعنى أنه خلق لكم الذَّكر والأنثى من الحيوان كلِّه { يذرؤكم } فيها ثلاثة أقوال : أحدها : يخلُقكم ، قاله السدي . والثاني : يُعيِّشكم ، قاله مقاتل . والثالث : يكثِّركم ، قاله الفراء . و [ في قوله ] ( فيه ) قولان . أحدهما : أنها على أصلها ، قاله الأكثرون . فعلى هذا في هاء الكناية ثلاثة أقوال . أحدها : أنها ترجع إلى بطون الإناث وقد تقدم ذكر الأزواج ، قاله زيد بن أسلم . فعلى هذا يكون المعنى : يخلُقكم في بطون النساء ، وإلى نحو هذا ذهب ابن قتيبة ، فقال : يخلُقكم في الرَّحِم أو في الزَّوج ، وقال ابن جرير : يخلُقكم فيما جعل لكم من أزواجكم ، ويعيِّشكم فيما جعل لكم من الأنعام . والثاني : أنها ترجع إلى الأرض ، قاله ابن زيد ؛ فعلى هذا يكون المعنى : يذرؤكم فيما خلق من السموات والأرض . والثالث : أنها ترجع إلى الجَعْل المذكور ؛ ثم في معنى الكلام قولان . أحدهما : يعيِّشكم فيما جعل من الأنعام ، قاله مقاتل . والثاني : يخلُقكم في هذا الوجه الذي ذكر مِنْ جَعْلِ الأزواج قاله الواحدي . والقول الثاني : أن " فيه " بمعنى " به " ؛ والمعنى يكثرِّكم بما جعل لكم ، قاله الفراء والزجاج . قوله تعالى : { ليس كمثِّله شيءٌ } قال ابن قتيبة : أي ليس كَهُوَ شيء ، والعرب تُقيم المِثْلَ مُقام النَّفْس ، فتقول : مِثْلي لا يُقال له هذا ، أي : أنا لا يُقال لي هذا . وقال الزجاج : الكاف مؤكِّدة ، والمعنى : ليس مِثْلَه شيءٌ ، وما بعد هذا قد سبق بيانه [ الزمر : 63 ] [ الرعد : 26 ] إلى قوله { شَرَعَ لكم } أي : بيَّن وأوضح { من الدِّين ما وصَّى به نُوحاً } وفيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنه تحليل الحلال وتحريم الحرام ، قاله قتادة . والثاني : تحريم الأخوات والأُمَّهات ، قاله الحكم . والثالث : التوحيد وترك الشِّرك . قوله تعالى : { والذي أَوحينا إِليكَ } أي : من القرآن وشرائع الإِسلام قال الزجاج : المعنى : وشرع الذي أوحينا إليك وشرع لكم ما وصَّى به إبراهيم وموسى وعيسى وقوله : { أَن أَقيموا الدِّين } تفسير قوله : { ما وصَّينا به إِبراهيمَ وموسى وعيسى } ، وجائز أن يكون تفسيراً لـ " ما وصَّى به نوحاً " ولقوله : { والذي أَوحينا إِليك } ولقوله : { وما وصَّينا به إِبراهيم وموسى وعيسى } ، فيكون المعنى : شرع لكم ولِمَن قبلكم إقامة الدِّين وترك الفُرقة ، وشرع الاجتماع على اتِّباع الرُّسل وقال مقاتل : { أن أَقيموا الدِّين } يعني التوحيد { ولا تتفرَّقوا فيه } أي : لا تختلفوا { كَبُرَ على المشركين } أي : عَظُمَ على مشركي مكة { ما تَدْعوهم إِليه } يا محمد من التوحيد . قوله تعالى : { اللهُ يَجتبي إِليه } أي : يَصطفي من عباده لِدِينه { مَنْ يَشاءُ ويَهدي } إِلى دِينه { من يُنيبُ } أي : يَرجع إِلى طاعته . ثم ذكر افتراقهم بعد أن أوصاهم بترك الفُرقة ، فقال : { وما تفرَّقوا } يعني أهل الكتاب { إلاَّ مِنَ بَعْدِ ما جاءهم العِلْمُ } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : من بعد كثرة عِلْمهم للبغي . والثاني : من بعد أن علموا أن الفُرقة ضلال . والثالث : من بعد ما جاءهم القرآن ، بغياً منهم على محمد صلى الله عليه وسلم . { ولولا كلمةٌ سَبَقَتْ مِنْ ربِّك } في تأخير المكذِّبين من هذه الأُمَّة إلى يوم القيامة ، { لَقُضِيَ بينَهم } بإنزال العذاب على المكذِّبين { وإِنَّ الذين أًورثوا الكتاب } يعني اليهود والنصارى { مِنْ بعدِهم } أي : من بعد أنبيائهم { لفي شكٍّ منه } أي : من محمد صلى الله عليه وسلم .