Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 19-25)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وجَعلوا الملائكةَ } قال الزجاج : الجَعْل هاهنا بمعنى القول والحكم على الشيء ، نقول : قد جعلتُ زيداً أعلَم الناسِ ، أي : قد وصفته بذلك وحكمت به . قال المفسرون : وجَعْلُهم الملائكة إِناثاً قولُهم : هُنَّ بناتُ الله . قوله تعالى : { الذين هُمْ عِبادُ الرحمن } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وابن عامر ، ويعقوب ، وأبان عن عاصم ، والشيزري عن الكسائي : { عِنْدَ الرحمن } بنون من غير ألف . وقرأ الباقون : { عِبادُ الرحمن } ، ومعنى هذه القراءة جعلوا له من عباده بنات والقراءة الأُولى موافقة لقوله { إِنَّ الذين عِْنَد ربِّكَ } [ الأعراف : 206 ] وإِذا كانوا في السماء كان أَبْعَدَ للعِلْم بحالهم { أَشَهِدُوا خَلْقَهم } ؟ قرأ نافع ، والمفضل عن عاصم : { أَأُشْهِدوا } بهمزتين ، الأولى مفتوحة والثانية مضمومة . وروى المسيّبي عن نافع " أَوُ شْهِدوا " ممدودة من أشْهدْتُ ، والباقون لا يُمدُّون . " أشَهِدوا " من شَهِدْتُ ، أي : أحَضَروه فعرَفوا أنهم إِناث ؟ ! وهذا توبيخ لهم إِذ قالوا فيما يُعْلَم بالمشاهَدة من غير مشاهَدة { ستُكْتَبُ شهادتُهم } على الملائكة أنها بناتُ الله . وقال مقاتل : لمّا قال الله عز وجل { َأَشِهدوا خَلْقَهم } ؟ ، سُئلوا عن ذلك فقالوا : [ لا ] . فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : " فما يُدريكم أنها إِناث " ؟ فقالوا : سمعنا من آبائنا ونحن نَشهد أنهم لم يَكذبوا ، فقال الله : { ستُكْتَبُ شهادتُهم ويُسأَلُونَ } عنها في الآخرة . وقرأ أبو رزين ، ومجاهد : { سنَكْتُبُ } بنون مفتوحة { شهادتَهم } بنصب التاء . ووافقهم ابن أبي عبلة في " سنَكْتُبُ " وقرأ " شهاداتِهم " بألف . قوله تعالى : { وقالوا لو شاءَ الرحمنُ ما عَبَدْناهم } في المكنيِّ عنهم قولان : أحدهما : أنهم الملائكة ، قاله قتادة ، ومقاتل في آخرين . والثاني : الأوثان ، قاله مجاهد . وإِنما عَنَوْا بهذا أنه لو لم يَرْضَ عبادتَنا لها لعجَّل عقوبتنا ، فردَّ عليهم قولهم بقوله : { ما لهم بذلك مِنْ عِلْمٍ } وبعض المفسرين يقول : إِنما أشار بقوله : { مالهم بذلك مِنْ عِلْمٍ } إلى ادِّعائهم أنَّ الملائكة إِناث ؛ قال : ولم يتعرَّض لقولهم { لو شاء الرحمن ما عَبَدْناهم } لأنه قول صحيح ؛ والذي اعتمدنا عليه أصح ، لأن هذه الآية كقوله : { لو شاء اللهُ ما أَشْرَكْنا } [ الانعام : 148 ] وقوله : { أنُطْعِمُ مَنْ لو يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ } [ يس : 47 ] وقد كشفنا عن هذا المعنى هنالك و { يَخْرُصُونَ } بمعنى : يكذبون . وإنما كذَّبهم لأنهم اعتقدوا أنه رضي منهم الكفر ديناً . { أَمْ آتيناهم كتاباً مِنْ قَبْلِهِ } أي : مِنْ قَبْلِ هذا القرآن ، أي بأن يعبدوا غير الله { فهُم به مستمسِكون } يأخذون بما فيه . { بل قالوا إِنّا وَجَدْنا آباءَنا على أُمَّة } أي : على سُنَّة ومِلَّة ودِين { وإِنّا على آثارهم مُهْتَدون } فجعلوا أنفُسهم مهتدين بمجرد تقليد الآباء من غير حُجَّة ؛ ثم أخبر أن غيرهم قد قال هذا القول ، فقال : { وكذلك } أي : وكما قالوا قال مُتْرَفو القُرى مِنْ قَبْلهم ، { وإِنّا على آثارهم مقتدون } بهم . { قُلْ أَوَلَوْ جِئتُكم } وقرأ ابن عامر ، وحفص عن عاصم : { قال أَوَلَوْ جِئتُكم } [ بألف ] . قال أبو علي : فاعل : " قال " النذير ، المعنى : فقال لهم النذير . وقرأ أبو جعفر : { أَوَلَوْ جئناكم } بألف ونون ( بأهدى ) أي : بأصوب وأرشد . قال الزجاج : ومعنى الكلام : قُلْ : أتَّتبعونَ ما وجدتم عليه آباءكم وإِن جئتكم بأهدى منه ؟ ! وفي هذه الآية إِبطال القول بالتقليد . قال مقاتل : فرَدُّوا على النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : { إِنا بما أُرسِلتم به كافرون } ؛ ثم رجع إِلى الأُمم الخالية ، فقال { فانتَقَمْنا منهم … } الآية .