Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 44, Ayat: 10-16)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فارتقِبْ } أي : فانتظر { يومَ تأتي السماءُ بدخانٍ مبينٍ } اختلفوا في هذا الدخان ووقته على ثلاثة أقوال : أحدها : [ أنه ] دخان يجيء قبل قيام الساعة ، فروي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الدُّخان يجيء فيأخذ بأنفاس الكفار ، ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزّكام . وروى عبد الله بن أبي مليكة قال : غدوتُ على ابن عباس ذاتَ يوم ، فقال : ما نمتُ الليلة حتى أصبحتُ ، قلت : لم ، قال : طلع الكوكب ذو الذَّنَب ، فخشيتُ أن يطرق الدخان ، وهذا المعنى مروي عن علي ، وابن عمر ، وأبي هريرة ، والحسن . والثاني : أن قريشاً أصابهم جوع ، فكانوا يرون بينهم وبين السماء دخاناً من الجوع ؛ فروى البخاري ومسلم في " الصحيحين " من حديث مسروق ، قال : كنا عند عبد الله ، فدخل علينا رجل ، فقال : جئتُكَ من المسجد ، وتركتُ رجلاً يقول في هذه [ الآية ] { يوم تأتي السماءُ بدخانٍ مُبينٍ } : يغشاهم يومَ القيامة دخان يأخذ بأنفاسهم حتى يصيبَهم منه كهيئة الزكام ؛ فقال عبد الله : من عَلِم عِلْماً فلْيَقُل به ، ومن لم يَعْلَم فلْيَقُل : الله أعلم ، إنما كان [ هذا ] لأن قريشاً لمّا استعصت على النبي صلى الله عليه وسلم دعا عليهم بسنين كسنيِّ يوسف ، فأصابهم قحط وجهد ، حتى أكلوا العظام والميتة ، وجعل الرجلُ ينظُر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد ، فقالوا { ربَّنا اكشف عنّا العذاب إنّا مؤمِنون } ، فقال الله تعالى : { إِنّا كاشِفو العذابِ قليلاً إِنكم عائدون } ، فكشف عنهم ، ثم عادوا إِلى الكفر ، فأخذوا يومَ بدر ، فذلك قوله : { يومَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبرى } ، وإِلى نحو هذا ذهب مجاهد ، وأبو العالية ، والضحاك ، وابن السائب ، ومقاتل . والثالث : أنه يوم فتح مكة لمّا حُجبت السماءُ بالغبرة ، حكاه الماوردي . قوله تعالى : { هذا عذابٌ } أي : يقولون هذا عذابٌ . { ربَّنا اكشِفْ عنّا العذاب } فيه قولان . أحدهما : الجوع . والثاني : الدخان . { إِنّا مؤمِنون } بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن . { أنَّى لهم الذِّكرى } أي : من أين لهم التذكُّر والاتِّعاظ بعد نزول هذا البلاء ، { و } حالهم أنه { قد جاءهم رسول مبين } أي : ظاهر الصِّدق . { ثم تولَّوْا عنه } أي : أعرضوا ولم يقبلوا قوله { وقالوا مُعَلمَّ مجنونُ } أي : هو معلَّم يعلِّمه بشر مجنون بادعائه النُّبوَّة ؛ قال الله تعالى : { إِنّا كاشفوا العذابِ قليلاً } أي : زماناً يسيراً . وفي العذاب قولان : أحدهما : الضُّرُّ الذي نزل بهم كُشف بالخِصب ، هذا على قول ابن مسعود . قال مقاتل كشفه إِلى يوم بدر . والثاني : أنه الدخان ، قاله قتادة . قوله تعالى : { إِنكم عائدون } فيه قولان . أحدهما : إِلى الشرك ، قاله ابن مسعود . والثاني : إلى عذاب الله قاله قتادة . قوله تعالى : { يومَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبرى } وقرأ الحسن ، وابن يعمر ، وأبو عمران : { يومَ تُبْطَشُ } بتاء مرفوعة وفتح الطاء " البَطْشَةُ " بالرفع . قال الزجاج : المعنى واذكر يومَ نَبْطِش . ولا يجوز أن يكون منصوباً بقوله : " منتقِمون " ، لأن ما بعد { إنّا } لا يجوز أن يعمل فيما قبلها . وفي هذا اليوم قولان : أحدهما : يوم بدر قاله ابن مسعود ، وأُبيُّ بن كعب ، وأبو هريرة ، وأبو العالية ، ومجاهد ، والضحاك . والثاني : يوم القيامة ، قاله ابن عباس ، والحسن . والبَطْش : الأخذ بقوَّة .