Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 17-20)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { والذي قال لوالدَيْه أُفٍّ لكما } قرأ أبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي . وأبو بكر عن عاصم : { أُفِّ لكما } بالخفض من غير تنوين . وقرأ ابن كثير ، وابن عامر : بفتح الفاء . وقرأ نافع ، وحفص عن عاصم : { أُفٍّ } بالخفض والتنوين . وقرأ ابن يعمر : { أُفٌّ } بتشديد الفاء مرفوعة منوَّنة . وقرأ حميد ، والجحدري : " أُفّاً " بتشديد الفاء وبالنصب والتنوين . وقرأ عمرو بن دينار : " أُفُّ " بتشديد الفاء وبالرفع من غير تنوين . وقرأ أبو المتوكل ، [ وعكرمة ] ، وأبو رجاء : { أُفْ لكما } باسكان الفاء خفيفة . وقرأ أبو العالية ، وأبو عمران : { أُفِّيْ } بتشديد الفاء وياءٍ ساكنة مُمالة . وروي عن ابن عباس أنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر قَبْلَ إِسلامه ، كان أبواه يدعُوانه إِلى الإِسلام ، وهو يأبى ، وعلى هذا جمهور المفسرين . وقد روي عن عائشة أنها كانت تُنْكِر أن تكون الآية نزلت في عبد الرحمن ، وتَحْلِفُ على ذلك وتقول : لوشئتُ لسمَّيتُ الذي نزلتْ فيه . قال الزجاج : وقول من قال : إِنها نزلت في عبد الرحمن ، باطل بقوله : { أولئك الذين حَقَّ عليهم القَوْلُ } فأعلَمَ اللهُ أن هؤلاء لا يؤمِنون ، وعبد الرحمن مؤمِن ؛ والتفسير الصحيح أنا نزلت في الكافر العاقِّ . وروي [ عن ] مجاهد أنها نزلت في عبد الله بن أبي بكر ، وعن الحسن : [ أنها ] نزلت في جماعة من كفار قريش قالوا ذلك لآبائهم . قوله تعالى : { وقد خَلَتِ القُرونُ مِنْ قَبْلِي } فيه قولان : أحدهما : مضت القُرون فلم يرجع منهم أحد ، قاله مقاتل . والثاني : مضت القُرون مكذِّبة بهذا ، قاله أبو سليمان الدمشقي . قوله تعالى : { وهما يستغيثان اللهَ } أي : يَدعُوَان اللهَ له بالهدى ، ويقولان له : ( ويلك آمِن ) أي : صدِّق بالبعث ، { فيقول ما هذا } الذي تقولان { إِلاّ أساطيرُ الأوَّلين } وقد سبق شرحها [ الأنعام : 25 ] . قوله تعالى : { أولئك } يعني الكفار { الذين حَقَّ عليهم القولُ } أي : وجب عليهم قضاء الله أنهم من أهل النار { في أُمم } أي : مع أُمم . فذكر الله تعالى في الآيتين قَبْلَ هذه مَنْ بَرَّ والدَيْه وعَمِل بوصيَّة الله عز وجل ، ثم ذكر مَنْ لم يَعْمَل بالوصيَّة ولم يُطِعْ ربَّه ولا والدَيْه { إِنهم كانوا خاسرِين } وقرأ ابن السميفع ، وأبو عمران : { أنَّهم } بفتح الهمزة . ثم قال : { ولكلٍّ دَرَجاتٌ ممّا عَمِلوا } أي : منازل ومراتب بحسب ما اكتسبوه من إِيمان وكفر ، فيتفاضل أهلُ الجنة في الكرامة ، وأهل النار في العذاب { ولِيُوُفِّيَهُمْ أعمالَهم } قرأ ابن كثير ، وعاصم ، وأبو عمرو : " ولِيُوَفِّيَهُمْ " بالياء ، وقرأ الباقون : بالنون ؛ أي : جزاء أعمالهم . قوله تعالى : { ويومَ يُعْرَضُ } المعنى : واذكُرْ لهم يومَ يُعْرَض { الذين كَفَروا على النّار أذْهَبْتُمْ } أي : ويقال لهم : أذهبتم ، قرأ ابن كثير : [ { آذْهَبْتُمْ } بهمزة مطوَّلة . وقرأ ] ابن عامر : " أأذْهَبْتُمْ " بهمزتين . وقرأ نافع ، وعاصم ، وأبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي : " أذْهَبْتُمْ " على الخبر ، وهو توبيخ لهم . قال الفراء ، والزجاج : [ العرب ] توبِّخ بالألف وبغير الألف ، فتقول : أذَهَبْتَ وفعلت كذا ؟ ! وذهبتَ ففعلت ؟ ! قال المفسرون : والمراد بطيِّباتهم ما كانوا فيه من اللذَّات مشتغلين بها عن الآخرة مُعرِضين عن شُكرها . ولمّا وبَّخهم اللهُ بذلك ، آثر النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه والصالحون بعدهم اجتنابَ نعيم العيش ولذَّته ليتكامل أجرُهم ولئلا يُلهيَهم عن مَعادهم . وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على خَصَفة وبعضُه على التراب وتحت رأسه وسادة محشوَّة ليفاً ، فقال : يا رسول الله : أنتَ نبيُّ الله وصفوتُه ، وكسرى وقيصر على سُرُر الذَّهب وفُرُش الدِّيباج والحرير ؟ ! فقال صلى الله عليه وسلم : " يا عمر ، إِن أولئك قوم عُجِّلت لهم طيِّباتُهم ، وهي وشيكة الانقطاع ، وإِنّا أُخِّرتْ لنا طيِّباتُنا " وروى جابر بن عبد الله قال : رأى عمر بن الخطاب لحماُ معلَّقاً في يدي ، فقال : ما هذا ياجابر ؟ فقلت : اشتهيت لحماً فاشتريتُه ، فقال : أوَ كلمَّا اشتّهيت اشتريت يا جابر ؟ ! أما تخاف هذه الآية { أذْهَبْتُم طيِّباتكم في حياتكم الدُّنيا } . وروي عن عمر أنه قيل له : لو أمرتَ أن نصنع لك طعاما ألين من هذا ، فقال : إني سمعت الله عيَّر أقواما فقال : { أذْهَبْتُمْ طيِّباتكم في حياتكم الُّدنيا } . قوله تعالى : { تَسْتَكْبِرونَ في الأرض } أي : تتكبَّرون عن عبادة الله والإِيمان به .