Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 33-35)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم احتج على إحياء الموتى بقوله : { أَوَلَمْ َيَروْا … } إِلى آخر الآية . والرُّؤية هاهنا بمعنى العِلْم . { ولَمْ يَعْيَ } أي : لم يَعْجَزْ عن ذلك ؛ يقال : عَيَّ فلانٌ بأمره ، إِذا لم يَهتد له ولم يَقدر عليه . قال الزجاج : يقال عَيِيتُ بالأمر ، إِذا لم تعرف وجهه ، وأعيَيْتُ ، إِذا تعبتَ . قوله تعالى : { بقادرٍ } قال أبو عبيدة والأخفش : الباء زائدة مؤكِّدة . وقال الفراء : العرب تُدخل الباءَ مع الجحد ، مثل قولك ما أظُنُّك بقائم ، وهذا قول الكسائي ، والزجاج . وقرأ يعقوب : " يَقْدْرُ " بياء مفتوحة مكان الباء وسكون القاف ورفع الراء من غير ألف . وما بعد هذا ظاهر إِلى قوله : { كما صَبَرَ أُولُوا العَزْم } أي : ذَوو الحَزْم والصَّبْر ؛ وفيهم عشرة أقوال : أحدها : أنهم نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، ومحمد ، صلى الله عليهم وسلم ، رواه الضحاك عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، وقتادة ، وعطاء الخراساني ، وابن السائب . والثاني : نوح ، وهود ، وإبراهيم ، ومحمد ، صلى الله عليهم وسلم ، قاله أبو العالية الرياحي . والثالث : أنهم الذين لم تُصِبْهم فتنةٌ من الأنبياء ، قاله الحسن . والرابع : أنهم العرب من الأنبياء ، قاله مجاهد والشعبي . والخامس : أنهم إبراهيم ، وموسى ، وداود ، وسليمان ، وعيسى ، ومحمد ، صلى الله عليهم وسلم ، قاله السدي . والسادس : أن منهم إِسماعيل ، ويعقوب ، وأيُّوب ، وليس منهم آدم ، ولا يونس ، ولا سليمان ، قاله ابن جريج . والسابع : أنهم الذين أُمروا بالجهاد والقتال ، قاله ابن السائب ، وحكي عن السدي . والثامن : أنهم جميع الرُّسل ، فإن الله لم يَبْعَثْ رسولاً إِلاّ كان من أُولي العزم ، قاله ابن زيد ، واختاره ابن الأنباري ، وقال : " مِنْ " دخلتْ للتجنيس لا للتبعيض ، كما تقول : قد رأيتُ الثياب من الخَزِّ والجِباب من القَزِّ . والتاسع : أنهم الأنبياء الثمانية عشر المذكورون في سورة [ الأنعام : 83ـ 86 ] ، قاله الحسين بن الفضل . والعاشر : أنهم جميع الأنبياء إِلاّ يونس ، حكاه الثعلبي . قوله تعالى : { ولا تَسْتَعْجِلْ لهم } يعني العذاب قال بعض المفسرين : كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم ضَجِر بعض الضَّجَر ، وأحبَّ أن ينزل العذاب بمن أبى من قومه ، فأُمر بالصَّبر . قوله تعالى : { كأنَّهم يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدونَ } أي : من العذاب { لَمْ يَلْبَثُوا } في الدنيا { إِلاّ ساعةً مِنْ نَهارٍ } لأن ما مضى كأنه لم يكن وإن كان طويلاً . وقيل : لأن مقدار مَكْثهم في الدُّنيا قليلٌ في جَنْبِ مَكْثهم في عذاب الآخرة . وهاهنا تم الكلام . ثم قال : { بلاغٌ } أي : هذا القرآن وما فيه من البيان بلاغٌ عن الله إِليكم . وفي معنى وَصْفِ القرآنِ بالبلاغ قولان : أحدهما : أن البلاغ بمعنى التبليغ . والثاني : أن معناه : الكفاية ، فيكون المعنى : ما أخبرناهم به لهم فيه كفايةٌ وغِنىً . وذكر ابن جرير وجهاً آخر ، وهو أن المعنى : لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ ساعةً من نهار ، ذلك لُبْث بلاغ ، أي : ذلك بلاغ لهم في الدنيا إِلى آجالهم ، ثُمَّ حُذفتْ " ذلك لُبْث " اكتفاءً بدلالة ما ذُكِر في الكلام عليها . وقرأ أبو العالية ، وأبو عمران : " بَلِّغْ " بكسر اللام وتشديدها وسكون الغين من غير ألف . قوله تعالى : { فهل يُهْلَكُ } وقرأ أبو رزين ، وأبو المتوكل ، وابن محيصن : { يَهْلِكُ } بفتح الياء وكسر اللام ، أي : عند رؤية العذاب { إلاّ القَوْمُ الفاسقونَ } الخارجون عن أمر الله عز وجل .