Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 47, Ayat: 19-21)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { فاعْلَمْ أنه لا إِله إِلاّ اللهُ } قال بعضهم : اثْبُتْ على عِلْمك ، وقال قوم : المراد بهذا الخطاب غيره ؛ وقد شرحنا هذا في فاتحة ( الأحزاب ) . وقيل : إِنه كان يَضيق صدرُه بما يقولون ، فقيل له : اعْلَمْ أنه لا كاشفِ لما بِكَ إِلاّ اللهُ . فأمّا قوله ؛ { واستَغْفِر لِذَنْبِكَ } فإنه كان يَستغفر في اليوم مائة مرة ، وأُمر أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات إِكراماً لهم لأنه شفيعٌ مُجابٌ . { واللهُ يَعْلَمُ متقلَّبَكم ومَثْواكم } فيه ثلاثة أقوال : أحدها : مُتقلَّبكم في الدنيا ومثواكم في الآخرة ، وهو معنى قول ابن عباس . والثاني : مُتقلَّبكم في أصلاب الرجال إلى أرحام النساء ، ومقامكم في القبور ، قاله عكرمة . والثالث : " مُتقلَّبكم " بالنهار و " مثواكم " أي : مأواكم بالليل ، قاله مقاتل . قوله تعالى : { ويقول الذين آمَنوا لولا نُزِّلَتْ سُورةٌ } قال المفسرون : سألوا ربَّهم أن يُنزل سُورةً فيها ثواب القتال في سبيل الله ، اشتياقاً منهم إلى الوحي وحِرصاً على الجهاد ، فقالوا : " لولا " أي : هلا ؛ وكان أبو مالك الأشجعي يقول : " لا " هاهنا صلة ، فالمعنى : لو أُنزلتْ سورة ، شوقاً منهم إِلى الزيادة في العِلْم ، ورغبةً في الثواب والأجر بالاستكثار من الفرائض . وفي معنى { مُحكَمة } ثلاثة أقوال . أحدها : أنها التي يُذْكَر فيها القتال ، قاله قتادة . والثاني : أنها التي يُذْكَر فيها الحلال والحرام . والثالث : التي لا منسوخ فيها ، حكاهما أبو سليمان الدمشقي . ومعنى قوله : { وذُكِرَ فيها القتالُ } أي : فُرِضَ فيها الجهاد . وفي المراد بالمرض قولان . أحدهما : النفاق ، قاله ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، والجمهور . والثاني : الشكّ ، قاله مقاتل . قوله تعالى : { ينظُرونَ إِليك } أي : يَشْخَصون نحوك بأبصارهم ينظرون نظراً شديداً كما ينظُر الشاخص ببصره عند الموت ، لأنهم يكرهون القتال ، ويخافون إِن قعدوا أن يتبيَّن نفاقُهم . { فأَوْلَى لهم } قال الأصمعي : معنى قولهم في التهديد : " أَوْلَى لكَ " أي : وَلِيَكَ وقارَبَك ما تَكْره . وقال ابن قتيبة : هذا وَعِيدُ وتهديد ، تقولُ للرجُل إذا أردتَ به سوءاً ، فَفَاتَكَ أوْلَى لكَ ، ثم ابتدأ ، فقال : { طاعَةٌ وقَوْلٌ مَعْرُوفٌ … } وقال سيبويه والخليل : المعنى طاعةُ وقولٌ معروفٌ أمثل . وقال الفراء : الطاعةُ معروفةٌ في كلام العرب ، إِذا قيل لهم : افعلوا كذلك ، قالوا : سَمعٌ وطاعةٌ ، فوصف [ اللهُ ] قولَهم قبل أن تنزل السُّورة أنهم يقولون : سمعٌ وطاعة ، فإذا نزل الأمر كرهوا . وأخبرني حبان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : قال الله تعالى : { فأولى } ، ثم قال : { لهم } أي : للذين آمنوا منهم { طاعةٌ } فصارت ( أَوْلَى ) وعيداً لِمَن كَرِهها ، واستأنف الطاعة بـ { لهم } ؛ والأول عندنا كلام العرب ، وهذا غير مردود ، يعني حديث أبي صالح . وذكر بعض المفسرين أن الكلام متصل بما قبله ؛ والمعنى : فأَوْلَى لهم أن يُطيعوا وأن يقولوا معروفاً بالإِجابة . قوله تعالى : { فإذا عَزَمَ الأمْرُ } قال الحسن : جَدَّ الأمْرُ . وقال غيره : جَدَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابُه في الجهاد ، ولَزِمَ فرضُ القتال ، وصار الأمر معروفاً عليه . وجواب " إذا " محذوف تقديره : فإذا عَزَمَ الأمْرُ نَكَلُوا ؛ يدُلُّ على المحذوف { فلَوْ صَدَقُوا اللهَ } أي : في إِيمانهم وجهادهم { لكان خَيْراً لهم } من المعصية والكراهة .