Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 22-28)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فهل عَسَيْتُمْ إِن توليتم } في المخاطَب بهذا أربعة أقوال . أحدها : المنافقون ، وهو الظاهر . والثاني : منافقو اليهود ، قاله مقاتل . والثالث : الخوارج ، قاله بكر بن عبد الله المزني . والرابع : قريش ، حكاه جماعة منهم الماوردي . وفي قوله : { تولَّيتم } قولان : أحدهما : أنه بمعنى الإِعراض فالمعنى : إِن أعرضتم عن الإِسلام { أن تُفْسِدوا في الأرض } بأن تعودوا إِلى الجاهلية يقتل بعضكم بعضاً ، ويُغِير بعضكم على بعض ، ذكره جماعة من المفسرين . والثاني : أنه من الوِلاية لأُمور الناس ، قاله القرظي . فعلى هذا يكون معنى " أن تُفْسِدوا في الأرض " : بالجَوْر والظُّلم . وقرأ يعقوب : { وتَقْطَعوا } بفتح التاء والطاء وتخفيفها وسكون القاف . ثم ذَمَّ من يريد ذلك بالآية التي بعد هذه . وما بعد هذا قد سبق [ النساء : 82 ] إِلى قوله : { أَمْ على قُلوب أقفالُها } " أَمْ " بمعنى " بَلْ " ، وذِكْر الأقفال استعارة ، والمراد أن القَلْب يكون كالبيت المُقفَل لا يَصِلُ إِليه الهُدى . [ قال مجاهد ] : الرّان أيسرُ من الطَّبْع ، والطَّبْع أيسرُ من الإِقفال ، والإِقفال أشَدُّ ذلك كُلِّه . وقال خالد بن معدان : مامِنْ آدميٍّ إِلاّ وله أربعُ أعيُنٍ ، عَيْنان في رأسه لدُنياه وما يُصْلِحه من معيشته ، وعَيْنان في قَلْبه لِدِينه وما وَعَد اللهُ من الغَيْب ، فإذا أراد اللهُ بعبد خيراً أبصرتْ عيناه اللتان في قلبه ، وإِذا أراد به غير ذلك طمس عليهما ، فذلك قوله : { أَمْ على قُلوب أقفالُها } . قوله تعالى : { إِنَّ الذين ارتَدُّوا على أدبارهم } أي : رجَعوا كُفّاراً ؛ وفيهم قولان . أحدهما : أنهم المنافقون ، قاله ابن عباس ، والسدي ، وابن زيد . والثاني : أنهم اليهود ، قاله قتادة ، ومقاتل . { مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى } أي : مِنْ بَعْدِ ما وَضَحَ لهم الحقُّ . ومن قال : هم اليهود ، قال : مِنْ بَعْدِ أن تبيّن لهم وصفُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ونعتُه في كتابهم و { سَوَّلَ } بمعنى زيَّن . { وأَمْلَى لهم } قرأ أبو عمرو ، وزيد عن يعقوب : { وأُمْلِيَ لهم } بضم الهمزة وكسر اللام وبعدها ياء مفتوحة . وقرأ يعقوب إِلاّ زيداً ، وأبان عن عاصم كذلك ، إِلاّ أنهما أسكنا الياء . وقرأ الباقون بفتح الهمزة واللام . وقد سبق معنى الإِملاء [ آل عمران : 178 ] [ الأعراف : 183 ] . قوله تعالى : { ذلك } قال الزجاج : المعنى : الأَمْرُ ذلك ، أي : ذلك الإِضلال بقولهم { للذين كَرِهوا ما نَزَّلَ الله } وفي الكارهِين قولان . أحدهما : أنهم المنافقون ، فعلى هذا في معنى قوله : { سنُطيعُكم في بعض الأَمْر } ثلاثة أقوال . أحدها : في القُعود عن نُصرة محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله السدي . والثاني : في المَيْل إِليكم والمظاهرة على محمد صلى الله عليه وسلم . والثالث : في الارتداد بعد الإِيمان ، حكاهما الماوردي . والثاني : أنهم اليهود ، فعلى هذا في الذي أطاعوهم فيه قولان . أحدهما : في أن لا يصدِّقوا شيئاً من مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قاله الضحاك . والثاني : في كَتْم ما عَلِموه من نُبوَّته ، قاله ابن جريج . { واللهُ يَعْلَمُ إِسرارَهم } قرأ حمزة ، والكسائي ، وخلف ، وحفص عن عاصم ، والوليد عن يعقوب : بكسر الألف على أنه مصدر أسْرَرْتُ ؛ وقرأ الباقون : بفتحها على أنه جمع سِرٍّ والمعنى : أنه يَعْلَم ما بين اليهود والمنافقين من السِّرِّ . قوله تعالى : { فكيف إِذا توفَّتْهم الملائكةُ } ، أي : فكيف يكون حالُهم حينئذ ؟ وقد بيَّنّا في [ الأنفال : 50 ] معنى قوله : { يَضْرِبونُ وجوهَهم وأدبارَهم } . قوله تعالى : { وكَرِهوا رِضْوانَه } أي : كَرِهوا ما فيه الرِّضوان ، وهو الإِيمان والطاعة .