Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 1-6)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { الذين كَفَروا } أي : بتوحيد الله { وصَدُّوا } الناس عن الإِيمان به ، وهم مشركو قريش ، { أَضَلَّ أعمالَهم } أي : أبطلها ، ولم يجعل لها ثواباً ، فكأنَّها لم تكن ؛ وقد كانوا يُطْعِمُون الطَّعامَ ، ويَصِلون الأرحام ، ويتصدّقون ، ويفعلون ما يعتقدونه قُرْبَةً . { والذين آمنوا وعملوا الصالحات } يعني : أصحاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم . { وآمَنوا بما نُزِّل على محمد } وقرأ ابن مسعود { نَزَّلَ } بفتح النون والزَّاي وتشديدها . وقرأ أُبيُّ بن كعب ، ومعاذ القارىء : " أُنْزِلَ " بهمزة مضمومة مكسورة الزَّاي . وقرأ أبو رزين ، وأبو الجوزاء ، وأبو عمران : " نَزَلَ " بفتح النون والزاي وتخفيفها ، { كَفَّر عنهم سيِّئآتِهم } أي : غفرها لهم { وأصْلَحَ بالَهم } أي : حالَهم ، قاله قتادة ، والمبرِّد . قوله تعالى : { ذلك } قال الزجاج : معناه : الأمرُ ذلك ، وجائز أن يكون : ذلك الإِضلال ، لاتِّباعهم الباطل ، وتلك الهداية والكفّارات باتِّباع المؤمنين الحقَّ ، { كذلك يَضْرِبُ اللهُ للناس أمثالَهم } أي : كذلك يبيِّن أمثال حسنات المؤمنين وسيِّئات الكافرين كهذا البيان . قوله تعالى : { فضَرْبَ الرِّقابِ } إِغراءُ ؛ والمعنى : فاقتُلوهم ، لأن الأغلب في موضع القتل ضربُ العُنق { حتى إَذا أثْخَنْتموهم } أي : أكثرتُم فيهم القتل { فشُدُّوا الوَثاقَ } يعني في الأسر ؛ وإِنما يكون الأسر بعد المبالغة في القتل . و " الوَثاق " اسم من الإِيثاق ؛ تقول : أوثقتُه إِيثاقاً ووَثاقاً ، إِذا شددتَ أسره لئلا يُفْلِت { فإمّا مَنّاً بَعْدُ } قال أبو عبيدة : إِمّا أن تُمنُّوا وإِمّا أن تفادوا ، ومثلُه سَقْياً ، ورَعْياً ، وإِنما هو سُقِيتَ ورُعِيتَ . وقال الزجاج : إِمَّا منَنَتُم عليهم بعد أن تأسِروهم مَنّاً ، وإِمّا أطلقتُموهم بِفِداء . فصل وهذه الآية محكَمة عند عامَّة العلماء . وممَّن ذهب إِلى أنَّ حُكم المَنِّ والفداء باقٍ لم يُنْسَخ : ابنُ عمر ، ومجاهدٌ ، والحسنُ ، وابنُ سيرين ، وأحمدُ ، والشافعيُّ . وذهب قوم إلى نسخ المَنِّ والفداء بقوله : { فاقْتُلوا المشركين حيثُ وجدتموهم } ، وممن ذهب إلى هذا ابن جريج ، والسدي وأبو حنيفة . وقد أشرنا إِلى القولين في [ براءة : 5 ] . قوله تعالى : { حتَّى تَضَعَ الحربُ أوزارَها } قال ابن عباس : حتى لا يبقى أحد من المشركين . وقال مجاهد : حتى لا يكون دِينُ إِلاّ دين الإِسلام . وقال سعيد بن جبير : حتى يخرُج المسيح . وقال الفراء : حتى لا يبقى إلاّ مُسْلِم أو مُسالِم . وفي معنى الكلام قولان : أحدهما : حتى يضعَ أهلُ الحرب سلاحَهم ؛ قال الأعشى : @ وَأًَعْدَدْتُ لِلْحَرْبِ أَوْزَارَهَا رِمَاحاً طِوَالاً وَخَيْلاً ذُكُوراَ @@ وأصل " الوِزْرِ " ما حملته ، فسمّى السلاح " أوزاراً " لأنه يُحْمل ، هذا قول ابن قتيبة . والثاني : حتى تضعَ حربُكم وقتالكم أوزارَ المشركين وقبائح أعمالهم بأن يُسْلِموا ولا يعبُدوا إِلاَّ الله ، ذكره الواحدي . قوله تعالى : { ذلك } أي : الأمر ذلك الذي ذَكَرْنا { ولو يشاء اللهُ لانْتَصَر منهم } بإهلاكهم أوتغذيتهم بما شاء { ولكنْ } أمركم بالحرب { لِيَبْلُو بعضَكم ببعض } فيُثيب المؤمن ويُكرمه بالشهادة ، ويُخزي الكافر بالقتل والعذاب . قوله تعالى : { والذين قُتِلُوا } قرأ أبو عمرو ، وحفص عن عاصم : { قٌتِلُوا } بضم القاف وكسر التاء ؛ والباقون : { قاتَلُوا } بألف . قوله تعالى : { سيَهدِيهم } فيه أربعة أقوال : أحدها : يَهديهم إِلى أرشد الأمور ، قاله ابن عباس . والثاني : يحقق لهم الهداية ، قاله الحسن . والثالث : إِلى مُحاجَّة منكَر ونكير . والرابع : إِلى طريق الجنة ، حكاهما الماوردي . وفي قوله : { عرَّفها لهم } قولان : أحدهما : عرَّفهم منازلهم فيها فلا يستدِلُّون عليها ولا يُخطِئونها ، هذا قول الجمهور ، منهم مجاهد وقتادة ، واختاره الفراء ، وأبو عبيدة . والثاني : طيَّبها لهم ، رواه عطاء عن ابن عباس . قال ابن قتيبة : وهو قول أصحاب اللغة يقال : طعامٌ معرَّف ، أي : مطيَّب . وقرأ أبو مجلز ، وأبو رجاء وابن محيصن : { عَرَفَها لهم } بتخفيف الراء .