Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 35-38)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فلا تَهِنُوا } أي : فلا تَضْعُفوا { وتَدْعوا إِلى السَّلْم } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، والكسائي ، وحفص عن عاصم : { إِلى السَّلْم } بفتح السين ؛ وقرأ حمزة ، وأبو بكر عن عاصم : بكسر السين ، والمعنى : لا تَدْعُوا الكفار إِلى الصلح ابتداءاً . وفي هذا دلالة على أنه لا يجوز طلب الصُّلح من المشركين ، و دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل مكة صلحاً ، لأنه نهاه عن الصُّلح . قوله تعالى : { وأنتم الأعْلَوْنَ } أي : أنتم أعزُّ منهم ، والحُجَّة لكم ، وآخِرُ الأمر لكم وإِن غَلَبوكم في بعض الأوقات { واللهُ معكم } بالعَوْن والنُّصرة { ولن يَتِرَكُمْ } قال ابن قتيبة : أي : لن يَنْقُصَكم ولن يَظْلِمَكم ، يقال وتَرْتَني حَقِّي ، أي بَخسْتَنِيه . قال المفسرون : المعنى : لن يَنْقُصَكم من ثواب أعمالكم شيئا . قوله تعالى : { ولا يَسألْكم أموالكم } أي : لن يَسألَكُموها كُلَّها . قوله تعالى : { فيُحْفِكُم } قال الفراء : يُجْهِدكم . وقال ابن قتيبة : يُلِحّ عليكم بما يوجبه في أموالكم { تبخلوا } ، يقال : أحْفاني بالمسألة وألحْف : إِذا ألحَّ . وقال السدي : إِن يسألْكم جميعَ ما في أيديكم تبخلوا . { ويُخْرِجْ أضغانَكم } وقرأ سعد بن أبي وقاص ، وابن عباس ، وابن يعمر : { ويُخْرَج } بياء مرفوعه وفتح الراء { أضغانُكم } بالرفع . وقرأ أُبيُّ بن كعب ، وأبو رزين ، وعكرمة ، وابن السميفع ، وابن محيصن ، والجحدري : { وتَخْرُج } بتاء مفتوحة ورفع الراء { أضغانُكم } بالرفع . وقرأ ابن مسعود ، والوليد عن يعقوب : { ونُخْرِج } بنون مرفوعة وكسر الراء { أضغانَكم } بنصب النون ، أي يُظهر بُغضَكم وعداوتَكم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ؛ ولكنه فرض عليكم يسيراً . وفيمن يضاف إِليه هذا الإِخراج وجهان : أحدهما : إِلى الله عز وجل . والثاني : البخل ، حكاهما الفراء . وقد زعم قوم أن هذه الآية منسوخة بآية الزكاة ، وليس بصحيح ، لأنّا قد بيَّنّا أن معنى الآية : إن يسألْكم جميعَ أموالكم ؛ والزكاة لا تنافي ذلك . قوله تعالى : { ها أنتم هؤلاء تَدْعَوْنَ لِتُنْفِقوا في سبيل الله } يعني ما فرض عليكم في أمولكم { فمنكم من يَبْخَلُ } بما فُرض عليه من الزكاة { ومَنْ يَبْخَلْ فإنما يَبْخَلُ عن نَفْسه } أي : على نفسه بما ينفعٌها في الآخرة { واللهُ الغنيُّ } عنكم وعن أموالكم { وأنتم الفقراء } إِليه إلى ما عنده من الخير والرحمة { وإن تتولَّوا } عن طاعته { يَسْتَبْدِلْ قوْماً غيرَكم } أطوعُ له منكم { ثُمَّ لا يكونوا أمثالكم } بل خيراً منكم . وفي هؤلاء القوم ثمانية أقوال : أحدها : أنهم العجم ، قاله الحسن ، وفيه حديث يرويه أبو هريرة قال : لمّا نزلت { وإِن تتولَّوا يَسْتَبْدِلْ قوْماً غيرَكم } كان سلمان إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا رسول الله ، مَنْ هؤلاء الذين إذا تولَّينا استُبْدِِلوا بنا ؟ فضرب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم [ يدَه ] على مَنْكِب سلمان ، فقال : " هذا وقومُه ، والذي نفسي بيده ، لو أن الدِّين معلَّق بالثُّريَّا لتناوله رجال من فارس " . والثاني : فارس والروم ، قاله عكرمة . والثالث : من يشاء من جميع الناس ، قاله مجاهد . والرابع : يأتي بخلق جديد غيركم . وهو معنى قول قتادة . والخامس : كندة والنخع ، قاله ابن السائب . والسادس : أهل اليمن ، قاله راشد بن سعد ، وعبد الرحمن بن جبير ، وشريح بن عبيد . والسابع : الأنصار ، قاله مقاتل . والثامن : أنهم الملائكة ، حكاه الزجاج وقال : فيه بُعْدٌ [ لأنه ] لا يقال للملائكة " قَوْمٌ " إِنما يقال ذلك للآدميين ، قال : وقد قيل : إن تولَّى أهلُ مكَّة استَبْدَلَ اللهُ بهم أهلَ المدينة ، وهذا [ معنى ] ما ذكَرْنا عن مقاتل .