Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 29-34)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { أَمْ حَسِبَ الذين في قُلوبهم مَرَضٌ } أي : نفاق { أنْ لن يُخْرِجَ اللهُ أضغانَهم } قال الفراء : أي : لن يُبْدِيَ اللهُ عداوتَهم وبُغْضَهم لمحمد صلى الله عليه وسلم . وقال الزجاج : أي : لن يُبْدِيَ عداوتَهم لرسوله صلى الله عليه وسلم ويُظْهِرَهُ على نفاقهم . { ولو نشاء لأرَيْناكهم } أي : لعرَّفْناكهم ، تقول : قد أرَيْتُكَ هذا الأمر ، أي : قد عرَّفْتُك إيّاه ، المعنى : لو نشاء لجَعَلْنا على المنافقين علامة ، وهي السّيماء { فلَعَرَفْتَهم بِسِيماهم } أي : بتلك العلامة { وَلتَعْرَفَنَّهم في لَحْنِ القَوْلِ } أي : في فحوى القَوْل ، فدلَّ بهذا على أن قول القائل وفعله يدُلُّ على نِيَّته . وقولُ الناس : قد لَحَنَ فلانٌ ، تأويله : قد أَخذ في ناحية عن الصواب ، وَعدَلَ عن الصواب إِليها ، وقول الشاعر : @ مَنْطِقٌ صائِبٌ وتَلْحَنُ أَحْيا ناً ، وخَيْرُ الحديثِ ما كانَ لَحْنا @@ تأويله : خير الحديث من مِثْل هذه ما كان لا يعرفه كلُّ أحد ، إِنما يُعْرََفُ قولها في أنحاء قولها . قال المفسرون : وَلتَعْرِفَنَّهم في فحوى الكلام ومعناه ومقْصَده ، فإنهم يتعرَّضون بتهجين أمرك والاستهزاء بالمسلمين . قال ابن جرير : ثم عرَّفه اللهُ إيّاهم . قوله تعالى : { وَلنَبْلُوَنَّكم } أي : وَلنُعامِلَنَّكم معامَلةَ المُخْتَبِر بأن نأمرَكم بالجهاد { حتَّى نَعْلَم } العِلْم الذي هو عِلْم وجود ، وبه يقع الجزاء ؛ وقد شرحنا هذا في [ العنكبوت : 3 ] . قوله تعالى : { وَنبْلُوَ أَخبارَكم } أي : نُظْهِرها وَنكْشِفها باباء من يأبى القتال ولا يَصْبِر على الجهاد . وقرأ أبو بكر عن عاصم : { وَليَبْلُوَنَّكم } بالياء " حتى يَعْلَمَ " بالياء { ويَبْلُوَ } بالياء فيهن . وقرأ معاذ القارىء ، وأيوب السختياني : " أخياركم " بالياء جمع " خير " . قوله تعالى : { إِن الذين كَفَروا … } [ الآية ] اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال . أحدها : أنها في المُطْعِمِين يومَ بدر ، قاله ابن عباس . والثاني : أنها نزلت في الحارث بن سويد ، ووحوح الأنصاري ، أسلما ثم ارتدّا ، فتاب الحارث ورجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبى صاحبه أن يَرْجِع حتى مات ، قاله السدي . والثالث : أنها في اليهود ، قاله مقاتل . والرابع : أنها في قريظة [ والنضير ] ، ذكره الواحدي . قوله تعالى : { ولا تُبْطِلوا أعمالكم } اختلفوا في مُبْطِلها على أربعة أقوال . أحدها : المعاصي والكبائر ، قاله الحسن . والثاني : الشَّكّ والنِّفاق ، قاله عطاء . والثالث : الرِّياء والسُّمعة ، قاله ابن السائب . والرابع : بالمَنّ ، وذلك أن قوماً من الأعراب قَدِموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : أتيناك طائعين ، فلنا عليك حق ، فنزلت هذه الآية . ونزل قوله { يَمُنُّونَ عليكَ أن أَسْلَموا } [ الحجرات : 17 ] ، هذا قول مقاتل . قال القاضي أبو يعلى : وهذا يدُلُّ على أن كُلُّ مَنْ دخل في قُرْبَة لم يَجُزْ له الخُروج منها قبل إِتمامها ، وهذا على ظاهره في الحج ، فأما في الصلاة والصيام ، فهو على سبيل الاستحباب .