Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 49, Ayat: 13-13)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يا أيُّها النَّاس إِنّا خلقناكم من ذكر وأنثى } في سبب نزولها ثلاثة أقوال . أحدها : نزلت في ثابت بن قيس وقولِه في الرجل الذي لم يفسح له : أنت ابن فلانة ، وقد ذكرناه عن ابن عباس في قوله : { لا يسخرْ قومٌ من قوم } [ الحجرات : 11 ] . والثاني : أنه لمّا كان يوم الفتح أمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بلالاً فصَعِد على ظهر الكعبة فأذَّن ، وأراد أن يُذِلَّ المشركين بذلك ، فلما أذَّن قال عتاب بن أَسِيد : الحمدُ لله الذي قبض أسيداً قبل اليوم ، وقال الحارث بن هشام : أما وجد محمد غير هذا الغراب الأسودِ مؤذِّناً ؟ ! وقال سهيل بن عمرو : إن يَكْرَهِ اللهُ شيئاً يغيِّره . وقال أبو سفيان : أمّا أنا فلا أقول شيئاً ، فإنِّي إن قُلتُ شيئاً لَتْشْهَدَنَّ عليَّ السماءُ ، ولَتُخْبِرَنَّ عنِّي الأرض ، فنزلت هذه الآية ، قاله مقاتل . والثالث : أن عبداً أسود مرض فعاده رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قُبض فتولَّى غسله وتكفينه ودفنه ، فأثَّر ذلك عند الصحابة ، فنزلت هذه الآية ، قاله يزيد بن شجرة . فأمّا المراد بالذَّكَر والأُنثى ، فآدم وحوَّاء . والمعنى : إِنكم تتساوَوْن في النسب ؛ وهذا زجر عن التفاخر بالأنساب . فأمّا الشُّعوب ، فهي جمع شَعب . وهو الحيُّ العظيم ، مثل مضر وربيعة ، والقبائل دونها ، كبَكر من ربيعة ، وتميم من مضر ، هذا قول الجمهور من المفسرين وأهل اللغة . وروى عطاء عن ابن عباس قال : يريد بالشعوب : الموالي ، وبالقبائل : العرب . وقال أبو رزين : الشعوب أهل الجبال الذين لا يَعْتَزُون لأحد ، والقبائل : قبائل العرب . وقال أبو سليمان الدمشقي : وقد قيل : إِن القبائل هي الأصول ، والشُّعوب هي البُطون التي تتشعَّب منها ، وهذا ضد القول الأول . قوله تعالى : { لِتَعارفوا } أي : ليَعْرِفَ بعضُكم بعضاً في قُرب النسب وبُعده . قال الزجاج : المعنى جعلْناكم كذلك لتَعارفوا ، لا لتَفاخروا . ثم أعلمهم أن أرفعهم عنده منزلةً أتقاهم . وقرأ أًبيُّ بن كعب . وابن عباس ، والضحاك ، وابن يعمر ، وأبان عن عاصم : " لِتَعْرِفوا " بإسكان العين وكسر الراء من غير ألف . وقرأ مجاهد ، وأبو المتوكل ، وابن محيصن : { لِتَّعارَفوا } بتاء واحدة مشددة وبألف مفتوحة الراء مخففة . وقرأ أبو نهيك ، والأعمش : " لِتتعرَّفوا " بتاءين مفتوحة الراء وبتشديدها من غيرَ ألف . قوله تعالى : { إِنَّ أكرمكم } وقرأ أبو عبد الرحمن السُّلَمي ، ومجاهد ، وأبو الجوزاء : " أنَّ " بفتح الهمزة قال الفراء : من فتح " أنَّ " فكأنه قال : لتعارفوا أنَّ الكريمَ التَّقيُّ ولو كان كذلك لكانت " لِتَعْرِفوا " ، غير أنه يجوز " لِتَعارفوا " على معنى : ليعرِّف بعضُكم بعضاً أن أكرمكم عند الله أتقاكم " .