Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 49, Ayat: 1-3)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يا أيَّها الذين آمَنوا لا تُقَدِّموا بينَ يَدَيَ الله ورسولِه } في سبب نزولها أربعة أقوال . أحدها : أن رَكْباً من بني تميم قَدِموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو بكر : أَمِّرِ القعقاعَ ابنَ معبد ، وقال عمر : أَمِّرِ الأقرعَ بن حابس ، فقال أبو بكر : ما أردتَ إِلا خِلافي ، وقال عمر : ما أردتُ خلافَك ، فتماريا حتى ارتفعت أصواتُها فنزل قوله : { يا أيُّها الذين آمَنوا لا تُقَدِّموا بين يَدَيِ اللهِ ورسولِه } إلى قوله : { ولَوْ أنَّهم صَبَروا } فما كان عمرُ يسْمِع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم [ بعد هذه الآية ] حتى يستفهمه ، رواه عبد الله بن الزبير . والثاني : أن قوماً ذَبحوا قبل أن يُصَلِّي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ النَّحر ، فأمرهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يُعيدوا الذَّبح ، فنزلت الآية ، قاله الحسن . والثالث : أنها نزلت في قوم كانوا يقولون : لو أنزَلَ اللهُ فِيَّ كذا وكذا ! فكَرِه اللهُ ذلك ، وقدَّم فيه ، قاله قتادة . والرابع : [ أنها ] نزلت في عمرو بن أميّة الضّمْري ، وكان قد قتل رجُلين من بني سليم قبل أن يستأذن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، قاله ابن السائب . وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال : لا تقولوا خلاف الكتاب والسُّنَّة . وروى العوفي عنه قال : نُهو أن يتكلمَّوا بين يَدَيْ كلامه . وروي عن عائشة رضي الله عنها في هذه الآية قالت : لا تصوموا قبل أن يصومَ نبيُّكم . ومعنى الآية على جميع الأقوال : لا تعجلوا بقول أو فعل قبل أن يقولَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يفعل . قال ابن قتيبة : يقال فلانٌ يُقَدِّم بين يَدَيِ الإِمام وبين يَدَي أبيه ، أي يُعجِّل بالأمر والنهي دونه . فأمّا { تُقدِّموا } فقرأ ابن مسعود وأبو هريرة ، وأبو رزين ، وعائشة ، وأبو عبد الرحمن السلمي ، وعكرمة ، والضحاك وابن سيرين ، وقتادة ، وابن يعمر ، ويعقوب : بفتح التاء والدال ؛ وقرأ الباقون : بضم التاء وكسر الدال . قال الفراء : كلاهما صواب ، يقال : قَدَّمْتُ وتَقَدَّمْتُ ؛ وقال الزجاج : كلاهما واحد ؛ فأمّا " بينَ يَدَيِ اللهِ ورسولِهِ " فهو عبارة عن الأمام ، لأن ما بين يَدَيِ الإِنسان أمامَه ؛ فالمعنى : لا تَقَدَّموا قُدّام الأمير . قوله تعالى : { لا تَرْفَعوا أصواتَكم } في سبب نزولها قولان . أحدهما : أن أبا بكر وعمر رفعا أصواتهما فيما ذكرناه آنفاً في حديث ابن الزبير ، وهذا قول ابن أبي مليكة . والثاني : [ أنها ] نزلت في ثابت بن قيس بن شمَّاس ، وكان جَهْوَرِيَّ الصَّوت ، فربما كان إِذا تكلَّم تأذَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بصوته ، قاله مقاتل . قوله تعالى : { ولا تَجهر له بالقَوْلِ } فيه قولان . أحدهما : أن الجهر بالصَّوت في المخاطبة ، قاله الأكثرون . والثاني : لا تَدْعوه باسمه : يا محمد ، كما يدعو بعضُكم بعضاً ، ولكن قولوا : يا رسول الله ، ويا نبيَّ الله ، وهو معنى قول سعيد بن جبير ، والضحاك ، ومقاتل . قوله تعالى : { أن تَحْبَطَ } قال ابن قتيبة : لئلا تَحْبَطَ . وقال الأخفش : مَخافة أن تَحْبَطَ . قال أبو سليمان الدمشقي : وقد قيل معنى الإحباط هاهنا : نقص المَنْزِلة ، لا إِسقاط العمل من أصله كما يسقط بالكفر . قوله تعالى : { إِن الذين يَغُضُّونَ أصواتَهم } قال ابن عباس : لمّا نزل قوله : " لا ترفعوا أصواتكم " تألَّى أبو بكر أن لا يكلِّم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إِلاّ كأخي السّرار ، فأنزل اللهُ في أبي بكر : { إِنَّ الذين يَغُضُّونَ أصواتَهم } ، والغَضُّ : النَّقْص كما بيَّنّا عند قوله : { قُلْ للمؤمنين يَغِضُّوا } [ النور : 30 ] . { أولئك الذين امْتَحَنَ اللهُ قلوبَهم } قال ابن عباس : أخلصها { للتقوى } من المعصية . وقال الزجاج : اختبر قلوبهم فوجدهم مُخلصين ، كما تقول : قد امتحنت هذا الذهب والفضة ، أي : اختبرتهما بأن أذبتهما حتى خَلَصا ، فعلمت حقيقة كل واحد منهما . وقال ابن جرير : اختبرها بامتحانه إيّاها فاصطفاها وأخلصها للتَّقوى .