Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 49, Ayat: 4-5)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنَّ الذين ينادونك مِنْ وراءِ الحُجُرات } في سبب نزولها ثلاثة أقوال . أحدها : " أن بني تميم جاؤوا إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادَوْا على الباب : يا محمد اخرُج إِلينا ، فإنَّ مَدْحَنا زَيْن وإِن ذَمَّنا شَيْن ، فخرج وهو يقول : " إنما ذلكم الله " ، فقالوا : نحن ناس من بني تميم جئنا بشاعرنا وخطيبنا نشاعرك ونفاخرك ، فقال : " ما بالشعر بُعِثْتُ ولا بالفخَار أُمِرْتُ ، ولكن هاتوا " فقال الزبرقان بن بدر لشابً منهم قمُ ْفاذكُر فَضْلك وفَضْل قومك ، فقام فذكر ذلك ، فأمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثابتَ بن قيس ، فأجابه ، وقام شاعرُهم ، فأجابه حسان ، فقال الأقرع بن حابس : والله ما أدري ما هذا الأمر ؟ ! تكلَّم خطيبُنا فكان خطيبُهم أحسنَ قولاَ ، وتكلم شاعرُنا فكان شاعرُهم أشعَر ، ثم دنا فأسلم ، فأعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكساهم ، وارتفعت الأصوات وكثر اللَّغَط عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية " ، هذا قول جابر بن عبد الله في آخرين . وقال ابن اسحاق : نزلت في جُفاة بني تميم ، وكان فيهم الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن ، والزبرقان بن بدر ، [ وقيس بن عاصم المنقري ] ، وخالد بن مالك ، وسويد بن هشام ، وهما نهشليَّان ، والقعقاع بن معبد ، وعطاء بن حابس ، ووكيع بن وكيع . والثاني : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سريَّة إِلى بني العنبر ، وأمَّر عليهم عيينة بن حصن الفزاري ، فلما عَلِموا بذلك هربوا وتركوا عيالهم ، فسباهم عيينة ، فجاء رجالُهم يَفْدون الذَّراري ، فقَدِموا وقت الظهيرة ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم قائل ، فجعلوا : ينادون يا محمد اخْرُج إِلينا ، حتى أيقظوه ، فنزلت هذه الآية ، قاله ابن عباس . والثالث : أن ناساً من العرب قال بعضهم لبعض : انطلِقوا بنا إِلى هذا الرجُل ، فإن يكن نبيّاً نكن أسعد الناس به ، وإِن يكن ملِكاً نعش في جناحه ، فجاؤوا ، فجعلوا ينادون : يا محمد ، يا محمد ، فنزلت هذه الآية ، [ قاله زيد بن أرقم ] . فأمّا " الحجرات " فقرأ أُبيُّ بن كعب ، وعائشة ، وأبو عبد الرحمن السلمي ، ومجاهد وأبو العالية ، وابن يعمر ، [ وأبو جعفر وشيبة ] : بفتح الجيم ؛ وأسكنها أبو رزين ، وسعيد بن المسيب ، وابن أبي عبلة ؛ وضمها الباقون . قال الفراء : وجه الكلام أن تُضمَّ الحاء والجيم ، وبعض العرب يقول : الحُجُرات والرُّكبات ، وربما خفَّفوا فقالوا : " الحُجْرات " ، والتخفيف في تميم ، والتثقيل في أهل الحجاز . وقال ابن قتيبة . واحد الحُجُرات حُجرة ، مثل ظُلْمة وظُلُمات . قال المفسرون : وإنما نادَوا من وراء الحُجرات ، لأنهم لم يعلموا في أيّ الحُجَر رسولُ الله . قوله تعالى : { ولو أنَّهم صَبَروا حتى تخْرُجَ إِليهم لكان خيراً لهم } قال الزجاج : أي : لكان الصَّبر خيراً لهم . وفي وجه كونه خيراً لهم قولان . أحدهما : لكان خيراً لهم فيما قَدِموا له من فداء ذراريهم ، فلو صَبَروا خلَّى سبيلهم بغير فداءٍ ، قاله مقاتل . والثاني : لكان أحسنَ لآدابهم في طاعة الله ورسوله ، ذكره الماوردي . قوله تعالى : { واللهُ غفورٌ رحيمٌ } أي : لمن تاب منهم .