Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 116-116)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وإِذ قال الله يا عيسى بن مريم } في زمان هذا القول قولان . أحدهما : أنه يقول له يوم القيامة ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، وابن جريج . والثاني : أنه قاله له حين رفعه إِليه ، قاله السدي ، والأول أصح . وفي إِذْ ثلاثة أقوال . أحدها : أنها زائِدة ، والمعنى : وقال الله ، قاله أبو عبيدة . والثاني : أنها على أصلها ، والمعنى : وإِذ يقوله الله له ، قاله ابن قتيبة . والثالث : أنها بمعنى : « إِذا » ، كقوله : { ولو ترى إِذ فزعوا } [ سبأ : 51 ] والمعنى : إِذا . قال أبو النجم : @ ثم جزاكَ الله عنِّي إِِذ جزى جنَّاتِ عَدْنٍ في السموات العلا @@ ولفظ الآية لفظ الاستفهام ، ومعناها التوبيخ لِمن ادّعى ذلك على عيسى . قال أبو عبيدة : وإِنما قال : « إِلهين » ، لأنهم إِذ أشركوا فعل ذكر مع فعل أنثى [ غُلِّب فعل الذكر ] ذكَّروهما . فإن قيل : فالنصارى لم يتخذوا مريم إلهاً ، فكيف قال الله تعالى ذلك فيهم ؟ فالجواب : أنهم لما قالوا : لم تلد بشراً ، وإِنما ولدت إِلهاً ، لزمهم أن يقولوا : إِنها من حيث البعضية بمثابة مَن ولدته ، فصاروا بمثابة من قاله . قوله تعالى : { قال سبحانك } أي : براءة لك من السوء { ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق } أي : لست أستحق العبادة ، فأدعو الناس إِليها . وروى عطاء بن السائب عن ميسرة قال : لما قال الله تعالى لعيسى : { أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله } رُعِد كل مَفْصِل منه حتى وقع مخافة أن يكون قد قاله ، وما قال : إِني لم أقل ، ولكنه قال : { إِن كنت قلته فقد علمته } فإن قيل : ما الحكمة في سؤال الله تعالى له عن ذلك وهو يعلم أنه ما قاله ؟ فالجواب : أنه تثبيت للحجة على قومه ، وإِكذاب لهم في ادّعائهم عليه أنه أمرهم بذلك ، ولإِنه إِقرارٌ من عيسى بالعجز في قوله : { ولا أعلم ما في نفسك } وبالعبودية في قوله : { أن اعبدوا الله ربي وربكم } . قوله تعالى : { تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك } قال الزجاج : تعلم ما أُضمره ، ولا أعلم ما عندك علمُه ، والتأويل : تعلم ما أعلم وأنا لا أعلم ما تعلم .