Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 26-26)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { فإنها محرّمة عليهم } الإِشارة إِلى الأرض المقدَّسة . ومعنى تحريمها عليهم : منعهم منها . فأمّا نصب « الأربعين » ، فقال الفراء : هو منصوب بالتحريم ، وجائز أن يكون منصوباً بـ « يتيهون » . وقال الزجاج : لا يجوز أن ينتصب بالتحريم ، لأن التفسير جاء أنها محرَّمة عليهم أبداً . قلت : وقد اختلف المفسرون في ذلك ، فذهب الأكثرون ، منهم عكرمة ، وقتادة ، إِلى ما قال الزجاج ، وأنها حرّمت عليهم أبداً . قال عكرمة : فإنها محرّمة عليهم أبداً يتيهون في الأرض أربعين سنة ، وذهب قومٌ ، منهم الربيع بن أنس ، إِلى أنها حُرِّمَت عليهم أربعين سنة ، ثم أمروا بالسير إِليها ، وهذا اختيار ابن جرير . قال : إِنما نصبت بالتحريم ، والتحريم كان عاماً في حق الكلِّ ، ولم يدخلها في هذه المدة منهم أحد ، فلما انقضت ، أُذن لمن بقي منهم بالدخول مع ذراريهم . قال أبو عبيدة : ومعنى : يتيهون : يحورون ويضلون . الإشارة إلى قصتهم قال ابن عباس : حرّم الله على الذين عَصَوْا دُخُولَ بيت المقدس ، فلبثوا في تيههم أربعين سنة ، وماتوا في التيه ، ومات موسى وهارون ، ولم يدخل بيت المقدس إِلا يوشع وكالب بأبناء القوم ، وناهض يوشع بمن بقي معه مدينة الجبارين فافتتحها . وقال مجاهد : تاهوا أربعين سنة يصبحون حيث أمسوا ، ويمسون حيث أصبحوا . وقال السدي : لما ضرب الله عليهم التيه ، ندم موسى على دعائه عليهم ، وقالوا له : ما صنعت بنا ، أين الطعام ؟ فأنزل الله المنَّ . قالوا : فأين الشراب ؟ فأُمِر موسى أن يضرب بعصاه الحجر . قالوا : فأين الظلُّ ؟ فظلّل عليهم الغمام . قالوا : فأين اللباس ؟ وكانت ثيابهم تطول معهم كما تطول الصبيان ، ولا يتخرّق لهم ثوب ، وقُبض موسى ولم يبق أحد ممن أبى دخول قرية الجبارين إِلاَّ مات ، ولم يشهد الفتح . وفيه قول آخر أنه لما مضت الأربعون خرج موسى ببني إِسرائيل من التيه ، وقال لهم : ادخلوا هذه القرية ، فكلوا منها حيث شئتم رغداً ، وادخلوا الباب سجداً ، وقولوا حطةٌ … إِلى آخر القصّة . وهذا قول الربيع بن أنس ، وعبد الرحمن ابن زيد . قال ابن جرير الطبري ، وأبو سليمان الدمشقي : وهذا الصحيح ، وأن موسى هو الذي فتح مدينة الجبارين مع الصالحين من بني إِسرائيل ، لأن أهل السيرة أجمعوا على أن موسى هو قاتل عوج ، وكان عوج ملكهم ، وكان بلعم ابن باعوراء فيمن سباه موسى وقتله ، ولم يدخل مع موسى من قدمائهم غير يوشع وكالب ، وإِنما حرِّمت على الذين لم يطيعوا . وفي مسافة أرض التيه قولان . أحدهما : تسعة فراسخ ، قاله ابن عباس . قال مقاتل : هذا عرضها ، وطولها ثلاثون فرسخاً . والثاني : ستة فراسخ في طول اثني عشر فرسخاً ، حكاه مقاتل أيضاً . قوله تعالى : { فلا تأْس على القوم الفاسقين } قال الزجاج : لا تحزن على قوم شأنهم المعاصي ، ومخالفة الرسل . وقال ابن قتيبة : يقال : أسيت على كذا ، أي : حزنت ، فأنا آسي أسىً .