Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 90-90)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إِنما الخمر والميسر } في سبب نزولها أربعة أقوال . أحدها : أن سعد بن أبي وقاص أتى نفراً من المهاجرين والأنصار ، فأكل عندهم ، وشرب الخمر ، قبل أن تحرم ، فقال : المهاجرون خير من الأنصار ، فأخذ رجلٌ لَحْي جمل فضربه ، فجدع أنفه ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فنزلت هذه الآية ، رواه مصعب بن سعد عن أبيه . وقال سعيد بن جبير : صنع رجل من الأنصار صنيعاً ، فدعا سعد بن أبي وقاص ، فلما أخذت فيهم الخمرة افتخروا واستبُّوا ، فقام الأنصاري إِلى لحي بعير ، فضرب به رأس سعد ، فإذا الدم على وجهه ، فذهب سعد يشكو إِلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزل تحريم الخمر في قوله : { إِنما الخمر والمسر } إِلى قوله : { تفلحون } . والثاني : أن عمر بن الخطاب قال : اللهم بيِّن لنا في الخمر بياناً شافيا ، فنزلت التي في ( البقرة ) فقال : اللهم بيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً ، فنزلت التي في النساء { لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } [ النساء : 43 ] فقال : اللهم بيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً ، فنزلت هذه الآية ، رواه أبو ميسرة عن عمر . والثالث : أن أُناساً من المسلمين شربوها ، فقاتل بعضهم بعضاً ، وتكلموا بما لا يرضاه الله من القول ، فنزلت هذه الآية ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . والرابع : أن قبيلتين من الأنصار شربوا ، فلما ثَمِلوا عبث بعضهم ببعض ، فلما صحَوْا جعل الرجل يرى الأثر بوجهه وبرأسه وبلحيته ، فيقول : صنع بي هذا أخي فلان ! ! والله لو كان بي رؤوفاً ما صنع بي هذا ، حتى وقعت في قلوبهم الضغائن ، وكانوا إِخوة ليس في قلوبهم ضغائن ، فنزلت هذه الآية ، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس . وقد ذكرنا الخمر والميسر في ( البقرة ) وذكرنا في « النصب » في أوّل هذه السورة قولين ، وهما اللذان ذكرهما المفسرون في الأنصاب . وذكرنا هناك « الأزلام » فأما الرجس ، فقال الزجاج : هو اسمٌ لكل ما اسْتُقْذِرَ من عمل ، يقال : رَجُس الرَّجل يرجُس ، ورَجِسَ يَرْجَسُ : إِذا عمل عملاً قبيحاً ، والرَّجس بفتح الراء : شدّة الصوت ، فكأن الرِّجسَ ، العملُ الذي يقبح ذكره ، ويرتفع في القبح ، ويقال : رعدٌ رجّاس : إِذا كان شديد الصوت . قوله تعالى : { من عمل الشيطان } قال ابن عباس : من تزيين الشيطان . فإن قيل : كيف نُسِبَ إِليه ، وليس من فعله ؟ فالجواب : أن نسبته إِليه مجاز ، وإِنما نسب إِليه ، لأنه هو الداعي إِليه ، المزيّن له ، ألا ترى أن رجلاً لو أغرى رجلاً بضرب رجل ، لجاز أن يقال له : هذا من عملك . قوله تعالى : { فاجتنبوه } قال الزجاج : اتركوه . واشتقاقه في اللغة : كونوا جانباً منه . فإن قيل : كيف ذكر في هذه الآية أشياء ، ثم قال : فاجتنبوه ؟ فالجواب : أن الهاء عائدةٌ على الرجس ، والرجس واقعٌ على الخمر ، والميسر ، والأنصاب ، والأزلام ، ورجوع الهاء عليه بمنزلة رجوعها على الجمع الذي هو واقعٌ عليه ، ومنبىءٌ عنه ، ذكره ابن الأنباري .