Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 52, Ayat: 35-43)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أَمْ خُلِقوا من غير شيء } فيه أربعة أقوال . أحدها : أَمْ خُلقوا من غير ربٍّ خالق ؟ والثاني : أَمْ خُلقوا من غير آباءٍ ولا أُمَّهات ، فهم كالجماد لا يعقِلون ؟ والثالث : أَمْ خُلقوا من غير شيء كالسماوات والأرض ؟ أي : إنهم ليسوا بأشَدَّ خَلْقاً من السماوات والأرض ، لأنها خُلقت من غير شيء وهم خُلقوا من آدم ، وآدم من تراب . والرابع : أَمْ خُلقوا لغير شيء ؟ فتكون « مِنْ » بمعنى اللام . والمعنى : ما خُلقوا عَبَثاً فلا يؤمَرون ولا يُنْهَون . قوله تعالى : { أَمْ هُمُ الخالقون } فلذلك لا يأتمرون ولا ينتهون ؟ لأن الخالق لا يؤمر ولا يُنهى . قوله تعالى : { بَلْ لا يوقِنون } بالحق ، وهو توحيدُ الله وقدرته على البعث . قوله تعالى : { أَمْ عندهم خزائنُ ربِّك } فيه ثلاثة أقوال : أحدها : المطر والرِّزق ، قاله ابن عباس . والثاني : النُّبوَّة ، قاله عكرمة . والثالث : عِلْم ما يكون من الغيب ، ذكره الثعلبي . وقال الزجاج : المعنى : أعندهم ما في خرائن ربِّك من العِلْم ، وقيل : من الرِّزق ، فهم مُعْرِضون عن ربِّهم لاستغنائهم ؟ ! قوله تعالى : { أَمْ هُمُ المصيطِرون } قرأ ابن كثير : « المُسيطِرونَ » بالسين . وقال ابن عباس : المسلَّطون . قال أبو عبيدة : « المُصيطِرون » الأرباب . يقال : تسيطرتَ عليَّ ، أي : اتَّخذتَني خَوَلاً ، قال : ولم يأت في كلام العرب اسم على « مُفَيْعِل » إلا خمسة أسماء : مُهَيْمِن ، ومُجَيْمِر ، ومُسَيْطِر ، ومُبَيْطِر ، ومُبَيْقِر ، فالمُهيْمن : الله الناظر المُحصي الذي لا يفوته شيء ؛ ومُجَيْمر : جبل ؛ والمُسَيْطِر : المسلَّط ؛ ومُبَيْطِر : بَيْطار ؛ والمُبَيْقِر : الذي يخرُج من أرض إلى أرض ، يقال : بَيْقَرَ : إذا خرج من بلد إلى بلد ، قال امرؤ القيس : @ أَلا هَلْ أَتاهَا ، والحوادِثُ جَمَّةٌ بأنَّ امْرأَ القَيْس بنَ تَمْلِك بَيْقَرا ؟ @@ قال الزجّاج : المسيطِرون : الأرباب المسلَّطون ، يقال : قد تسيطر علينا وتصيطر : بالسين والصاد ، والأصل السين ، وكل سين بعدها طاء ، فيجوز أن تُقلب صاداً ، تقول : سطر وصطر ، وسطا علينا وصطا . قال المفسرون : معنى الكلام : أم هم الأرباب فيفعلون ما شاؤوا ولا يكونون تحت أمر ولا نهى ؟ ! قوله تعالى : { أَمْ لهم سُلّمٌ } أي : مَرْقَىً ومصْعدٌ إلى السماء { يستمِعونَ فيه } أي : عليه الوحيَ ، كقوله : { في جذوع النَّخْل } [ طه : 71 ] فالمعنى يستمِعونَ [ الوحي ] فيعلمون أنَّ ما هُم عليه حق { فلْيأت مُستمِعُهم } إِن ادَّعى ذلك { بسُلطانٍ مُبينٍ } أي ، بحُجَّة واضحة كما أتى محمد بحُجَّة على قوله . { أمْ له البناتُ ولكم البَنونَ } هذا إنكار عليهم حين جَعلوا لله البناتِ . { أم تسألُهم أجراً فهم من مَغْرَمٍ مُثْقَلونَ } أي : هل سألتهم أجراً على ما جئتَ به ، فأثقلهم ذلك الذي تطلبه منهم فمنعهم عن الاسلام ؟ والمَغْرمَ بمعنى الغُرْم وقد شرحناه في [ براءة : 98 ] . قوله تعالى : { أم عندهم الغَيْبُ } هذا جواب لقولهم : « نَتربَّص به ريْبَ المَنون » ؛ والمعنى : أعندهم الغيب ؟ وفيه قولان . أحدهما : أنه اللوح المحفوظ ، { فهم يكتبون } ما فيه ويخبِرون الناس . قاله ابن عباس . والثاني : أعندهم عِلْم الغيب فيَعلمون أن محمداً يموت قبلم { فهم يكتُبون } أي : يحكُمون فيقولون : سَنقْهَرُك . والكتاب : الحُكم ؛ ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : " سأقضي بينكما بكتاب الله " أي : بحُكم الله عز وجل ؛ وإلى هذا المعنى : ذهب ابن قتيبة . قوله تعالى : { أم يُريدون كَيْداً } وهو ما كانوا عزموا عليه في دار النَّدوة ؛ وقد شرحنا ذلك في قوله : { وإذ يمكُرُ بِكَ الذين كفَروا } [ الأنفال : 30 ] ومعنى { هُمُ المَكيدونَ } هم المَجْزِيُّون بكَيدهم ، لأن ضرر ذلك عاد عليهم فقُتلوا ببدر وغيرها . { أم لهم إلهٌ غيرُ الله } أي : ألَهُم إله يرزقهم ويحفظهم غيرُ الله ؟ والمعنى أن الأصنام ليست بآلهة ، لأنها لا تنفع ولا تدفع . ثم نزَّه نَفْسه عن شرِكهم بباقي الآية .