Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 52, Ayat: 29-34)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فذكِّر } أي : فَعِظ بالقرآن { فما أنت بنعمة ربِّك } أي : بإنعامه عليك بالنبوَّة { بكاهنٍ } وهو الذي يوهم أنه يعلم الغيب ويُخْبِر عمّا في غد من غير وحي . والمعنى : إنما تَنْطِق بالوحي لا كما يقول [ فيك ] كفار مكة . { أم يقولون شاعرٌ } أي : هو شاعر . وقال أبو عبيدة : « أم » بمعنى « بل » قال الأخطل : @ كَذَبتْكَ عَيْنُكَ أَمْ رَأَيْتَ بِواسِطٍ غَلَسَ الْظَّلامِ مِنَّ الرَّبابِ خَيالاَ @@ لم يستفهم ، إنما أوجب أنه رأى . قوله تعالى : { نَتربَّصُ به رَيْبَ المَنون } فيه قولان : أحدهما : أنه الموت ، قاله ابن عباس . والثاني : حوادث الدهر ، قاله مجاهد ، قال ابن قتيبة : حوادث الدهر وأوجاعه ومصائبه ، و « المَنون » الدهر ، قال أبو ذؤيب : @ أمِنَ المَنُونِ ورَيْبِهِ تَتَوَجَّعُ والدَّهْرُ ليْسَ بمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ @@ هكذا أنشدنَاه أصحابُ الأصمعيّ عنه ، وكان يذهب إلى أن المَنونَ الدَّهْرُ ، قال : وقوله « والدَّهْرُ ليس بمُعْتِبٍ » يدُلُّ على ذلك ، كأنه قال : « أمِنَ الدِّهْرُ ورَيْبِهِ تتَوَجَّعُ ؟ ! » قال الكسائيُّ : العرب تقول : لا أكلِّمك آخِرَ المَنون ، أي : آخِرَ الدَّهْر . قوله تعالى : { قُلْ تربَّصوا } أي : انتظِروا بي ذلك { فإني معكم من المتربِّصين } أي : من المُنتظِرين عذابَكم ، فعُذِّبوا يومَ بدر بالسيف . وبعض المفسرين يقول : هذا منسوخ بآية السيف ، ولا يصح ، إِذ لاتضَادَّ بين الآيتين . قوله تعالى : { أمْ تأمُرُهم أحلامُهم بهذا } قال المفسرون : كانت عظماء قريش توصَف بالأحلام ، وهي العُقول ، فأزرى اللهُ بحُلومهم ، إذ لم تُثمِر لهم معرفةَ الحق من الباطل . وقيل لعمرو بن العاص : ما بال قومِك لم يؤمِنوا وقد وصفهم اللهُ تعالى بالعُقول ؟ ! فقال : تلك عُقول كادها بارئُها ، أي : لمْ يَصْحَبْها التَّوفيقُ . وفي قوله : « أَمْ تأمُرُهم » وقوله : { أَمْ هُمْ } قولان . أحدهما : أنهما بمعنى « بل » ، قاله أبو عبيدة . والثاني : بمعنى ألف الاستفهام ، قاله الزجاج ؛ قال : والمعنى : أتأمُرُهم أحلامُهم بترك القَبول ممَّن يدعوهم إلى التوحيد ويأتيهم على ذلك بالدَّلائل ، أم يكفُرون طُغياناً وقد ظهر لهم الحق ؟ ! وقال ابن قتيبة : المعنى : أم تدُلُّهم عقولُهم على هذا ؟ ! لأن الحِلم يكون بالعقل ، فكني عنه به . قوله تعالى : { أَمْ يقولون تقوَّله } أي : افتَعَل القرآنَ من تِلقاء نَفْسه ؟ والتَّقوُّل : تكلُّف القول ، ولا يستعمل إلاّ في الكذب { بّلْ } أي : ليس الأمر كما زعموا { لا يؤمِنون } بالقرآن ، استكباراً . { فَلْيأتوا بحديثٍ مِثلِه } في نَظْمه وحُسن بيانه . وقرأ أبو رجاء ، وأبو نهيك ، ومورّق العجلي ، وعاصم الجحدري : « بحديثِ مِثْلِه » بغير تنوين { إن كانوا صادقِين } أن محمداً تقوَّله .