Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 53, Ayat: 31-32)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ولله ما في السموات وما في الأرض } هذا إِخبار عن قُدرته وسَعَة مُلكه ، وهو كلام معترض بين الآية الأولى وبين قوله : { لِيَجْزِيَ الذين أساؤوا } لأن اللام في « ليجزي » متعلقة بمعنى الآية الأولى ، لأنه إِذا كان أعلم بهما ، جازى كُلاًّ بما يستحقُّه ، وهذه لام العاقبة ، وذلك أن عِلْمه بالفريقين أدَّى إلى جزائهم باستحقاقهم ، وإِنما يَقْدِر على مُجازاة الفريقين إذا كان واسع المُلك ، فلذلك أخبر به في قوله : { ولله ما في السموات وما في الأرض } . قال المفسرون : و « أساؤوا » بمعنى أشركوا ، و « أحسنوا » بمعنى وحَّدوا . والحُسنى : الجنَّة . والكبائر مذكورة في سورة [ النساء : 31 ] وقيل : كبائر الإثم : كُلُّ ذَنْب خُتم بالنّار ، والفواحش : كُلُّ ذَنْب فيه الحدّ . وقرأ حمزة ، والكسائي ، والمفضل ، وخلف : « يَجْتَنِبون كبِيرَ الإثم » واللَّمم في كلام العرب : المُقارَبة للشيء . وفي المراد به هاهنا ستة أقوال . أحدها : ما أَلمُّوا به من الإثم والفواحش في الجاهلية ، فإنه يُغْفَر في الإسلام ، قاله زيد بن ثابت . والثاني : أن يُلِمَّ بالذَّنْب مَرَّةً ثم يتوب ولا يعود ، قاله ابن عباس ، والحسن ، والسدي . والثالث : أنه صِغار الذُّنوب ، كالنَّظرة والقُبلة وما كان دون الزِّنا ، قاله ابن مسعود ، وأبو هريرة ، والشعبي ، ومسروق ، ويؤيِّد هذا حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ الله كتب على ابن آدم حظَّه من الزِّنا ، فزِنا العينين النَّظر ، وزِنا اللسان النُّطق ، والنفس تشتهي وتتمنَّى ، ويصدِّق ذلك ويكذِّبه الفَرْج ، فإن تقدَّم بفَرْجه كان الزِّنا ، وإلا فهو اللَّمم " . والرابع : أنه ما يَهُمُّ به الإنسان ، قاله محمد بن الحنفية . والخامس : أنه ألَّم بالقلب ، أي : خَطَر ، قاله سعيد بن المسيّب . والسادس : أنه النَّظر من غير تعمُّد ، قاله الحسين بن الفضل . فعلى القولين [ الأولين ] يكون الاستثناء من الجنس ، وعلى باقي الأقوال ليس من الجنس . قوله تعالى : { إنَّ ربَّكَ واسعُ المغفرة } قال ابن عباس : لِمَن فعل ذلك ثم تاب . وهاهنا تمَّ الكلام . ثم قال { هو أعْلَمُ بِكُمْ } يعني قبل خَلْقكم { إذ أنشأكم من الأرض } يعني آدم عليه السلام { وإذا أنتم أجِنَّةٌ } جمع جَنِين ؛ والمعنى أنه عَلِم ما تفعلون وإلى ماذا تصيرون ، { فلا تُزَكُّوا أنفُسَكم } أي : لا تَشهدوا لها أنَّها زكيَّة بريئة من المعاصي . وقيل : لا تمدحوها بحُسن أعمالها . وفي سبب نزول هذه الآية قولان . أحدهما : أن اليهود كانوا إذا هلك لهم صبيّ ، قالوا : صِدِّيق ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول عائشة رضي الله عنها . والثاني : أن ناساً من المسلمين قالوا : قد صليَّنا وصُمنا وفعلنا ، يُزَكُّون أنفُسَهم ، فنزلت هذه الآية ، قاله مقاتل . قوله تعالى : { وهو أعلَمُ بِمَنِ اتَّقى } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : عمل حسنة وارعوى عن معصية ، قاله عليّ رضي الله عنه . والثاني : أخلص العملَ لله ، قاله الحسن . والثالث : اتَّقى الشِّرك فآمن ، قاله الثعلبي .