Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 54, Ayat: 1-5)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وهي مكيَّة بإجماعهم ، وقال مقاتل : مكِّيَّة غير آية { سيُهْزمُ الجَمْعُ } [ القمر : 45 ] ، وحكي عنه أنه قال : إلاّ ثلاث آيات ، أولها : { أم يقولون نحنُ جميعٌ مْنتَصِرٌ } [ القمر : 44 ] إلى قوله { وأمَرُّ } [ القمر : 46 ] ، قال ابن عباس : " اجتمع المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن كنت صادقاً فشُقَّ لنا القمر فرقتين ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن فعلتُ تؤمنون ؟ » قالوا : نعم ، فسأل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ربَّه أن يُعطيَه ما قالوا ، فانشقَّ القمر فرقتين ، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم ينادي : « يا فلان يا فلان اشْهَدوا » " وذلك بمكة قبل الهجرة . وقد روى البخاري ومسلم في « صحيحيهما » من حديث ابن مسعود قال : " انشقَّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شقَّتين ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : « اشْهَدوا » " وقد روى حديث الانشقاق جماعةٌ ، منهم عبد الله بن عمر ، وحذيفة ، وجبير بن مطعم ، وابن عباس ، وأنس بن مالك ، وعلى هذا جميع المفسرين ، إلاّ أن قوماً شذُّوا فقالوا : سيَنْشَقُّ يوم القيامة . وقد روى عثمان بن عطاء عن أبيه نحو ذلك ، وهذا القول الشاذ لا يقاوم الإجماع ، ولأن قوله : { وانْشَقَّ } لفظ ماض ، وحَمْلُ لفظ الماضي على المستقبل يفتقر إلى قرينة تنقله ودليل ، وليس ذلك موجوداً . وفي قوله : « وإن يَروا آيةً يُعْرضوا » دليل على أنه قد كان ذلك . ومعنى { اقْتَربَت } : دنَتْ ؛ و { الساعةُ } القيامة . وقال الفراء : فيه تقديم وتأخير ، تقديره : انشقَّ القمر واقتربت الساعة . وقال مجاهد : انشقَّ القمر فصار فِرقتين ، فثبتت فِرقة ، وذهبت فِرقة وراء الجبل . وقال ابن زيد : لمّا انشقَّ القمر كان يُرى نصفُه على قُعيَقِعَانَ ، والنصف الآخر على أبي قُبيس . قال ابن مسعود : لمّا انشقَّ القمر قالت قريش : سحركم ابن أَبي كبشة ، فاسألوا السُّفَّار ، فسألوهم ، فقالوا : نعم قد رأيناه ، فأنزل اللهُ عز وجل : « اقتربتِ السّاعةُ وانشَقَّ القمر » . قوله تعالى : { وإنْ يروا آيةً } أي : آية تدُلُّهم على صدق الرسول ، والمراد بها هاهنا : انشقاق القمر { يُعْرضوا } عن التصديق { ويقولوا سِحْرٌ مستمرٌّ } فيه ثلاثة أَقوال . أحدها : ذاهبٌ ، من قولهم : مَرَّ الشيءُ واستمرَّ : إذا ذهب ، قاله مجاهد ، وقتادة ، والكسائي ، والفراء ؛ فعلى هذا يكون المعنى : هذا سِحر ، والسِّحر يذهب ولا يثبت . والثاني : شديدٌ قويٌّ ، قاله أبو العالية ، والضحاك ، وابن قتيبة ، قال : وهو مأخوذ من المِرَّة ، والمِرَّة : الفَتْل . والثالث : دائمٌ ، حكاه الزجّاج . قوله تعالى : { وكذَّبوا } يعني كذَّبوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم وما عاينوا من قُدرة الله تعالى { واتَّبَعوا أَهواءَهم } ما زيَّن لهم الشيطانُ { وكُلُّ أمْرٍ مُسْتَقِرٌّ } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : أن كُلَّ أمْر مستقِرٌّ بأهله ، فالخير يستقِرُّ بأهل الخير ، والشر يستقِرُّ بأهل الشر ، قاله قتادة . والثاني : لكل حديثٍ مُنتهىً وحقيقةٌ ، قاله مقاتل . والثالث : أن قرار تكذيبهم مستقِرّ ، وقرار تصديق المصدِّقين مستقِرّ حتى يعلموا حقيقته بالثواب والعقاب ، قاله الفراء . قوله تعالى : { ولقد جاءهم } يعني أهل مكة { مِنَ الأنباء } أي : من أخبار الأُمم المكذِّبة في القرآن { ما فيه مُزْدَجَرٌ } قال ابن قتيبة : أي : مُتَّعَظٌ ومُنتهىً . قوله تعالى : { حِكْمَةٌ بالغةٌ } قال الزجّاج : هي مرفوعة لأنها بدل من « ما » فالمعنى : ولقد جاءهم حكمةٌ بالغةٌ [ وإن شئت رفعتهما بإضمار : هو حكمة بالغة ] . و « ما » في قوله { فما تُغْنِ النُّذُرُ } جائز أن يكون استفهاماً بمعنى التوبيخ ، فيكون المعنى : أيّ شيء تُغْني النُّذُر ؟ ! وجائز أن يكون نفياً ، على معنى ، فليست تُغْني النُّذُر . قال المفسرون : والمعنى : جاءهم القرآن وهو حِكْمة تامَّة قد بلغت الغاية ، فما تُغُني النُّذُر إذا لم يؤمِنوا ؟ ! .