Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 55, Ayat: 1-13)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { الرَّحْمنُ . علَّم القُرآنَ } قال مقاتل : لمّا نزل قوله : { اسْجُدوا للرَّحْمنِ } [ الفرقان : 60 ] قال كُفّار مكَّةَ : وما الرَّحْمنُ ؟ ! فأَنكروه وقالوا : لا نَعرِفُ الرحْمنَ ، فقال تعالى : { الرَّحْمنُ } الذي أَنكروه هو الذي « علَّم القُرآنَ » . وفي قوله : { علَّم القُرآنَ } قولان . أحدهما : علَّمه محمداً ، وعلَّم محمدٌ أُمَّته قاله ابن السائب . والثاني : يسَّر القرآنَ ، قاله الزجّاج . قوله تعالى : { خَلَقَ الإِنسانَ } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : أنه اسم جنس ، فالمعنى : خلق الناسَ جميعاً ، قاله الأكثرون . فعلى هذا ، في « البيان » ستة أقوال . أحدها : النُّطق والتَّمييز ، قاله الحسن . والثاني : الحلال والحرام ، قاله قتادة . والثالث : ما يقول وما يُقال له ، قاله محمد بن كعب . والرابع : الخير والشر ، قاله الضحاك . والخامس : [ طُرق ] الهُدى ، قاله ابن جريج . والسادس : الكتابة والخط ، قاله يمان . والثاني : أنه آدم ، قاله ابن عباس ، وقتادة . فعلى هذا في « البيان » ثلاثة أقوال . أحدها : أسماء كل شيء . والثاني : بيان كل شيء . والثالث : اللّغات . والقول الثالث : أنه محمد صلى الله عليه وسلم ، علَّمه بيانَ ما كان وما يكون ، قاله ابن كيسان . قوله تعالى : { الشَّمْسُ والقمرُ بحُسْبانٍ } أي بحساب ومنازل ، لا يَعْدُوانها ؛ وقد كشَفْنا هذا المعنى في [ الأنعام : 96 ] . قال الأخفش : أضمر الخبر ، وأظُنُّه والله أعلَمُ أراد : يَجريان بحُسبان . قوله تعالى : { والنَّجْمُ والشّجَرُ يَسْجُدانِ } في النَّجْم قولان . أحدهما : أنه كُلُّ نَبْتٍ ليس له ساق ، وهو مذهب ابن عباس ، والسدي ، ومقاتل ، واللُّغويين . والثاني : أنه نَجْم السَّماء ، والمُراد به : جميعُ النُّجوم ، قاله مجاهد . فأمّا الشَّجَرَ : فكُلُّ ما له ساق . قال الفراء : سُجودهما : أنَّهما يستقبِلان الشمسَ إذا أشرقت ، ثم يَميلان معها حتى ينكسر الفَيْىءُ . وقد أشرت في [ النحل : 49 ] إلى معنى سُجود مالا يَعْقِل . قال أبو عبيدة : وإنّما ثني فعلهما على لفظهما . قوله تعالى : { والسماءَ رفَعَها } وإنما فعل ذلك ليحيا الحيوان وتمتدَّ الأنفاس ، وأجرى الرِّيح بينها وبين الأرض ، كيما يتروحَ الخَلق . ولولا ذلك لماتت الخلائق كَرْباً . قوله تعالى : { ووَضَعَ الميزانَ } فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنه العَدْل ، قاله الأكثرون . منهم مجاهد والسدي واللغويون . قال الزجّاج : وهذا لأن المعادلة : مُوازَنة الأشياء . والثاني : أنه الميزان المعروف ، ليتناصف الناس في الحقوق ، قاله الحسن ، وقتادة ، والضحاك . والثالث : أنه القرآن ، قاله الحسين بن الفضل . قوله تعالى : { ألاَّ تَطْغَوْا } ذكر الزجّاج في « أنْ » وجهين . أحدهما : أنها بمعنى اللام ؛ والمعنى : لئلاّ تَطْغَوْا . والثاني : أنها للتفسير ، فتكون « لا » للنهي ؛ والمعنى : أي : لاتَطْغَوْا ، أي لا تُجاوِزوا العَدْل . قوله تعالى : { ولا تُخْسِروا الميزان } قال ابن قتيبة : أي لا تنقصوا الوزن . فأمّا الأنام ، ففيهم ثلاثة أقوال : أحدها : أنهم الناس ، رواه عكرمة عن ابن عباس . والثاني : كل ذي رُوح ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، والشعبي ، وقتادة ، والسدي ، والفراء . والثالث : الإنس والجن ، قاله الحسن ، والزجّاج . قوله تعالى : { فيها فاكهةٌ } أي ، ما يُتفكَّه [ به ] من ألوان الثمار { والنَّخْلُ ذاتُ الأكمام } والأكمام : الأوعية والغُلُف ؛ وقد استوفينا شرح هذا في [ حم السجدة : 47 ] . قوله تعالى : { والحَبُّ } يريد : جميع الحبوب ، كالبُر والشعير وغير ذلك . وقرأ ابن عامر : « والحَبَّ » بنصب الباء « ذا العصف » بالألف « والرَّيْحانَ » بنصب النون . وقرأ حمزة ، والكسائي إلاّ ابن أبي سُريج ، وخلف : « والحَبُّ ذو العَصْفِ والرَّيْحانِ » بخفض النون ؛ وقرأ الباقون بضم النون . وفي « العَصفْ » قولان : أحدهما : أنه تِبن الزَّرع وورقه الذي تعصفه الرِّياح ، قاله ابن عباس . وكذلك قال مجاهد : هو ورق الزَّرع . قال ابن قتيبة : العَصْف : ورق الزَّرع ، ثم يصير إذا جفَّ ويبِس ودِيس تبناً . والثاني : أن العَصْف : المأكول من الحبِّ ، حكاه الفراء . وفي « الرَّيْحان » أربعة أقوال . أحدها : أنه الرِّزق ، رواه عكرمة عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، والسدي . قال الفراء : الرَّيْحان في كلام العرب : الرِّزق ، تقول : خرجنا نطلُب رَيْحان الله ، وأنشد الزجاج للَّنمِر بن تَوْلب : @ سلامُ الإلهِ ورَيْحانُه ورَحْمَتُه وسَماءٌ دِرَرْ @@ والثاني : أنه خُضرة الزَّرع ، رواه الوالبي عن ابن عباس . قال أبو سليمان الدمشقي : فعلى هذا ، سُمِّي رَيْحاناً ، لاستراحة النَّفْس بالنظر إِليه . والثالث : أنه رَيحانكم هذا الذي يُشَمُّ ، روى العوفي عن ابن عباس قال : « الرَّيْحان » ما أَنبتت الأرضُ من الرَّيْحان ، وهذا مذهب الحسن ، والضحاك ، وابن زيد . والرابع : أنه ما [ لم ] يؤكل من الحَبّ ، والعَصْف : المأكول منه ، حكاه الفراء . قوله تعالى : { فبأيِّ آلاءِ ربِّكما تُكذِّبانِ } فإن قيل : كيف خاطب اثنين ، وإنما ذكر الإنسان وحده ؟ فعنه جوابان ذكرهما الفراء . أحدهما : أن العرب تخاطب الواحد بفعل الاثنين كما بيَّنّا في قوله : { أَلقِيا في جهنَّمَ } [ ق : 24 ] . والثاني : أن الذِّكر أريد به الإنسان والجانّ ، فجرى الخطاب لهما من أول السورة إلى آخرها . قال الزجاج : لمّا ذكر اللهُ تعالى في هذه السورة ما يدُلُّ على وحدانيته من خَلْق الإنسان وتعليم البيان وخَلْق الشمس والقمر والسماء والأرض ، خاطب الجن والإنس ، قال : { فبأيِّ ألاءِ ربِّكما تُكذِّبانِ } أي : فبأيِّ نِعَم ربِّكما تُكذِّبان من هذه الأشياء المذكورة ، لأنها كلَّها مُنْعَم بها عليكم في دلالتها إيّاكم على وحدانيَّته وفي رزقه إيّاكم ما به قِوامكم . وقال ابن قتيبة : الآلاء : النِّعم ، واحدها : أَلاً ، مثل : قفاً ، وإِلاً ، مثل : مِعىً .