Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 1-12)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إذا وقَعَتِ الواقعةُ } قال أبو سليمان الدمشقي : لمّا قال المشركون : متى هذا الوعد ، متى هذا الفتح ؟ ! نزل قوله : { إِذا وَقَعَتِ الواقعةُ } ، فالمعنى : يكون إذا وقعت الواقعة . قال المفسرون : والواقعة : القيامة ، وكل آتٍ يتوقع ، يقال له إذا كان : قد وقع ، والمراد بها هاهنا : النَّفخة في الصُّور لقيام الساعة . { ليس لِوَقْعَتِها } أي : لظُهورها ومَجيئها { كاذبةٌ } أي : كذب ، كقوله : { لا تَسْمَعُ فيها لاغيةً } [ الغاشية : 11 ] أي : لغواً . قال الزجاج : و « كاذبة » مصدر ، كقولك : عافاه الله عافيةً ، وكَذَب كاذبةً ، فهذه أسماء في موضع المصدر . وفي معنى الكلام قولان . أحدهما : لا رجعةَ لها ولا ارتداد ، قاله قتادة . والثاني : ليس الإخبار عن وقوعها كذباً ، حكاه الماوردي . قوله تعالى : { خافضةٌ } أي : هي خافضة { رافعةٌ } وقرأ أبو رزين ، وأبو عبد الرحمن ، وأبو العالية ، والحسن ، وابن أبي عبلة ، وأبو حيوة ، واليزيدي في اختياره : « خافضةً رافعةً » بالنصب فيهما . وفي معنى الكلام قولان . أحدهما : أنها خفضتْ فأسمعتِ القريبَ ، ورفعتْ فأسمعتِ البعيدَ ، رواه العوفي عن ابن عباس . وهذا يدل على أن المراد بالواقعة : صيحة القيامة . والثاني : أنها خفضت ناساً ، ورفعت آخرين ، رواه عكرمة عن ابن عباس . قال المفسرون : تخفض أقواماً إلى أسفل السافلين في النار ، وترفع أقواماً إِلى عِلِّيِّين في الجنة . قوله تعالى : { إذا رُجَّتِ الأرض رَجّاً } أي : حُرِّكتْ حركةً شديدةً وزلزلتْ ، وذلك أنها ترتجُّ حتى ينهدم ما عليها من بناءٍ ، ويتفتَّت ما عليها من جبل . وفي ارتجاجها قولان . أحدهما : أنه لإماتة مَن عليها من الأحياء . والثاني : لإخراج من في بطنها من الموتى . قوله تعالى : { وبُسَّتِ الجبالُ بَسّاً } فيه قولان . أحدهما : فُتِّتت فَتّاً ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد . قال ابن قتيبة : فُتِّتتْ حتى صارت كالدَّقيق والسَّويق المبسوس . والثاني : لُتَّتْ ، قاله قتادة . وقال الزجاج : خُلِطتْ ولُتَّت . قال الشاعر : @ لا تَخْبِزوا خَبْزاً وبُسَّا بَسَّا @@ وفي « الهَباء » أقوال قد ذكرناها في [ الفرقان : 23 ] . وذكر ابن قتيبة أن الهَباء المُنْبَثّ : ما سطع من سنابك الخيل ، وهو من « الهَبْوَة » والهَبْوَة : الغُبار . والمعنى : كانت تراباً منتشراً . قوله تعالى : { وكنتم أزواجاً } أي : أصنافاً { ثلاثةً } . { فأصحابُ الميمنة } فيهم ثمانية أقوال . أحدها : [ أنهم ] الذين كانوا على يمين آدم حين أُخرجت ذُرِّيَّتهُ مِنْ صُلبه ، قاله ابن عباس . والثاني : أنهم الذين يُعْطَون كتبهم بأيمانهم ، قاله الضحاك ، والقرظي . والثالث : أنهم الذين كانوا ميامين على أنفُسهم ، أي : مبارَكين ، قاله الحسن ، والربيع . والرابع : أنهم الذين أُخذوا من شِقِّ آدم الأيمن ، قاله زيد بن أسلم . والخامس : أنهم الذين منزلتهم عن اليمين ، قاله ميمون بن مهران . والسادس : أنهم أهل الجنة ، قاله السدي . والسابع : أنهم أصحاب المنزلة الرفيعة ، قاله الزجاج . والثامن : أنهم الذين يؤخذ [ بهم ] ذاتَ اليمين إلى الجنة ، ذكره علي بن أحمد النيسابوري . قوله تعالى : { ما أصحابُ المَيْمَنة } قال الفراء : عجَّب نبيَّه صلى الله عليه وسلم منهم ؛ والمعنى : أيُّ شيء هُمْ ؟ ! قال الزجاج : وهذا اللفظ في العربية مجراه مجرى التعجب ، ومجراه من الله عز وجل في مخاطبة العباد ما يعظم به الشأن عندهم ، ومثلُه : { ما الحاقّة } [ الحاقة : 2 ] { ما القارعة } [ القارعة : 2 ] ؛ قال ابن قتيبة : ومثلُه أن يقول : زَيدٌ ما زَيدٌ ! أي : أيُّ رجُل هو ! { وأصحابُ المشأمة ما أصحابُ المشأمة } [ أي : أصحاب ] الشمال ، والعرب تسمِّي اليدَ اليسرى : الشُّؤمَى ، والجانبَ الأيسر : الأشأم ، ومنه قيل : اليُمْن والشُّؤم ، فاليُمْن : كأنه [ ما ] جاء عن اليمين ، والشؤم [ ما جاء ] عن الشمال ، ومنه سمِّيت « اليَمَن » و « الشّأم » لأنها عن يمين الكعبة وشمالها . قال المفسرون : أصحاب الميمنة : هم الذين يؤخذ بهم ذات اليمين ، ويعطَون كتبهم بأيمانهم ؛ وتفسير أصحاب المشأمة على ضد تفسير أصحاب الميمنة سواء ؛ والمعنى : أيُّ قوم هم ؟ ! ماذا أُعِدَّ لهم من العذاب ؟ ! . قوله تعالى : { والسابقون السابقون } فيهم خمسة أقوال . أحدها : أنهم السابقون إلى الإيمان من كل أُمَّة ، قاله الحسن ، وقتادة . والثاني : أنهم الذين صلّوا [ إلى ] القِبلتين ، قاله ابن سيرين . والثالث : أهل القرآن ، قاله كعب . والرابع : الأنبياء ، قاله محمد بن كعب . والخامس : السابقون إلى المساجد وإلى الخروج في سبيل الله ، قاله عثمان بن أبي سودة . وفي إِعادة ذِكْرهم قولان . أحدهما : أن ذلك للتوكيد . والثاني : أن المعنى : السابقون إلى طاعة الله هم السابقون إلى رحمة الله ذكرهما الزجاج . قوله تعالى : { أولئك المقرَّبون } قال أبو سليمان الدمشقي : يعني عند الله في ظل عرشه وجواره .