Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 41-56)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ما أصحابُ الشِّمال } قد بيَّنّا أنه بمعنى التعجُّب من حالهم ؛ والمعنى : ما لهم ، وما أُعدَّ لهم من الشَّرِّ ؟ ! ثم بيَّن لهم سوء مُنْقَلَبهم فقال : { في سَموم } قال ابن قتيبة : هو حَرُّ النّار . قوله تعالى : { وظِلٍّ من يَحْمومٍ } قال ابن عباس : ظِلّ من دخان . قال الفراء : اليَحْموم : الدُّخان الأسود ، { لا باردٍ ولا كريمٍ } فوجه الكلام الخفض تبعاً لما قبله ، ومثله { زَيْتونةٍ لا شرقيةٍ ولا غربيَّةٍ } [ النور : 35 ] ، وكذلك قوله : { وفاكهةٍ كثيرةٍ ، لا مقطوعةٍ ولا ممنوعةٍ } ، ولو رفعتَ ما بعد « لا » كان صواباً ، والعرب تجعل الكريم تابعاً لكل شيء نفت عنه فعلاً يُنوي [ به ] الذم ، فتقول : ما هذه الدار بواسعة ولا كريمة ، وما هذا بسمين ولا كريم . قال ابن عباس : لا بارد المدخل ولا كريم المنظر . قوله تعالى : { إِنهم كانوا قَبْلَ ذلك } أي : في الدنيا { مُتْرَفِينَ } أي : متنعِّمين في ترك أمر الله ، فشغلهم تَرفُهم عن الاعتبار والتعبُّد . { وكانوا يُصِرُّونَ } أي : يُقيمون { على الحِنْث } وفيه أربعة أقوال . أحدها : أنه الشِّرك ، قاله ابن عباس ، والحسن ، والضحاك ، وابن زيد . والثاني : الذَّنْب العظيم الذي لا يتوبون منه ، قاله مجاهد . وعن قتادة كالقولين . والثالث : أنه اليمين الغموس ، قاله الشعبي . والرابع : الشِّرك والكفر بالبعث ، قاله الزجاج . قوله تعالى : { أَوَ آباؤنا الأوَّلون } قال أبو عبيدة : الواو متحركة لأنها ليست بواو « أو » ، إنما هي « وآباؤنا » ، فدخلت عليها ألف الاستفهام فتُركتْ مفتوحة . وقرأ أهل المدينة ، وابن عامر : « أَوْ آباؤنا » بإسكان الواو . وقد سبق بيان ما لم يُذْكَر هاهنا [ هود : 103 ، الصافات : 62 ، الأنعام : 70 ] إلى قوله : { فشاربونَ شُربَ الهِيمِ } قرأ أهل المدينة ، وعاصم ، وحمزة : « شُرْبَ » بضم الشين ؛ والباقون بفتحها . قال الفراء : والعرب تقول : شَرِبْتُه شُرْباً ، وأكثر أهل نجد يقولون : شَرْباً بالفتح ، أنشدني عامَّتهم : @ تَكْفيهِ حَزَّةُ فِلْذٍ إِنْ أَلمَّ بها من الشِّواءِ ويَكْفِي شَرْبَهُ الغُمَرُ @@ وزعم الكسائي أن قوماً من بني سعد بن تميم يقولون : « شِرْبَ الهِيم » بالكسر . وقال الزجاج : « الشَّرْب » المصدر ، و « الشُّرْب » بالضم : الاسم ، قال : وقد قيل : إنه مصدر أيضاً . وفي « الهِيم » قولان . أحدهما : الإبل العِطاش ، رواه ابن أبي طلحة والعوفيُّ عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، وعكرمة ، وعطاء ، والضحاك ، وقتادة . قال ابن قتيبة : هي الإبل يُصيبها داءٌ فلا تَرْوَى من الماء ، يقال : بعيرٌ أَهْيَمُ ، وناقةٌ هَيْماءُ . والثاني : أنها الأرض الرَّملة التي لا تَرْوَى من الماء ، وهو مروي عن ابن عباس أيضاً . قال أبو عبيدة : الهِيم : ما لا يَرْوَى من رَمْل أو بعير . قوله تعالى : { هذا نُزُلُهم } أي : رزقهم . ورواه عباس عن أبي عمرو : « نُزْلُهم » بسكون الزاي ، أي : رزقهم وطعامهم . وفى « الدِّين » قولان قد ذكرناهما فى « الفاتحة » .