Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 58, Ayat: 8-10)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ألم ترى إلى الذين نُهُوا عن النجوى } في سبب نزولها قولان . أحدهما : نزلت في اليهود والمنافقين ، وذلك أنهم كانوا يتناجَوْن فيما بينهم دون المؤمنين ، وينظرون إلى المؤمنين ، ويتغامزون بأعينهم ، فإذا رأى المؤمنون نجواهم قالوا : ما نراهم إلا قد بلغهم عن أقربائنا وإِخواننا الذين خرجوا في السرايا ، قتل أو موت ، أو مصيبة ، فيقع ذلك في قلوبهم ، ويحزنهم ، فلا يزالون كذلك حتى تقدَّم أصحابهم . فلما طال ذلك وكثر ، شكا المؤمنون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمرهم أن لا يتناجَوْا دون المسلمين ، فلم ينتهوا عن ذلك ، فنزلت هذه الآية ، قاله ابن عباس . والثاني : نزلت في اليهود ، قاله مجاهد . قال مقاتل : وكان بين اليهود وبين رسول الله موادعة ، فإذا رأوا رجلاً من المسلمين وحده تناجَوْا بينهم ، فيظن المسلم أنهم يتناجَوْن بقتله ، أو بما يكره ، فيترك الطريق من المخافة ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنهاهم عن النجوى ، فلم ينتهوا ، وعادوا إليها ، فنزلت هذه الآية . وقال ابن السائب : نزلت في المنافقين . والنجوى : بمعنى : المناجاة { ثم يعودون } إلى المناجاة التي نهوا عنها { ويتناجَوْن } قرأ حمزة ، ويعقوب ، إلا زيداً ، ورَوحاً « ويتنجَّون » وقرأ الباقون « ويتناجون » بألف . وفي معنى تناجيهم { بالإثم والعدوان } وجهان . أحدهما : يتناجون بما يسوء المسلمين ، فذلك الإثم والعدوان ، ويوصي بعضهم بعضاً بمعصية الرسول . والثاني : يتناجَوْن بعد نهي الرسول ، ذلك هو الإثم والعدوان ومعصية الرسول . قوله تعالى : { وإِذا جاؤوك حَيَّوْكَ بما لم يحيِّكَ به الله } اختلفوا فيمن نزلت على قولين . أحدهما : نزلت في اليهود . قالت عائشة رضي الله عنها : " جاء ناس من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : السام عليك يا أبا القاسم ، فقلت : السام عليكم ، وفعل الله بكم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مه يا عائشة ، فإن الله لا يحب الفحش ، ولا التفحش ، فقلت : يا رسول الله : ترى ما يقولون ؟ فقال : ألست تريني أردُّ عليهم ما يقولون ، وأقول : وعليكم " ، قالت : فنزلت هذه الآية في ذلك . قال الزجاج : والسام : الموت . والثاني : أنها نزلت في المنافقين ، رواه عطية عن ابن عباس . قال المفسرون : ومعنى « حيَّوك » سَلَّموا عليك بغير سلام الله عليك ، وكانوا يقولون : سام عليك . فإذا خرجوا يقولون في أنفسهم ، أو يقول بعضهم لبعض ، لو كان نبياً عذّبنا بقولنا له ما نقول . قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم } فيها قولان . أحدهما : نزلت في المنافقين ، فالمعنى : يا أيها الذين آمنوا بزعمهم ، وهذا قول عطاء ومقاتل . والثاني : أنها في المؤمنين ، والمعنى : أنه نهاهم عن فعل المنافقين واليهود ، وهذا مذهب جماعة ، منهم الزجاج . قوله تعالى : { تتناجَوا } هكذا قرأ الجماعة بألف . وقرأ يعقوب وحده « فلا تتنجَّوا » . فأما « البِرُّ » فقال مقاتل : هو الطاعة ، و « التقوى » ترك المعصية . وقال أبو سليمان الدمشقي : « البِرُّ » الصدق ، و « التقوى » ترك الكذب . ثم ذكر أن ما يفعله اليهود والمنافقون ، من الشيطان ، فقال تعالى { إنما النجوى من الشيطان } أي : من تزيينه ، والمعنى : إنما يزيِّن لهم ذلك { ليحزن الذين آمنوا } وقد بيَّنا اتِّقاء ما كان يحزن المؤمنين من هذه النجوى { وليس بضارّهم شيئاً } أي : وليس الشيطان بضارِّ المؤمنين شيئاً { إلا بإِذن الله } أي : بإرادته { وعلى الله فليتوكل المؤمنون } أي : فليكلوا أُمورهم إليه .