Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 152-152)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشدَّه } إنما خص مال اليتيم ، لأن الطمع فيه لقلِّة مراعيه وضعف مالكه ، أقوى . وفي قوله : { إلا بالتي هي أحسن } أربعة أقوال . أحدها : أنه أكل الوصي المصلح للمال بالمعروف وقت حاجته ، قاله ابن عباس ، وابن زيد . والثاني : التجارة فيه ، قاله سعيد بن جبير ، ومجاهد ، والضحاك ، والسدي . والثالث : أنه حفظه له إلى وقت تسليمه إليه ، قاله ابن السائب . والرابع : أنه حفظه عليه ، وتثميره له ، قاله الزجاج . قال : و « حتى » محمولة على المعنى ؛ فالمعنى : احفظوه عليه حتى يبلغ أشده ، فاذا بلغ أشده ، فادفعوه إليه . فأما الأشُدُّ : فهو استحكام قوة الشباب والسنِّ . قال ابن قتيبة : ومعنى الآية : حتى يتناهى في النبات إلى حدِّ الرجال . يقال : بلغ أشده . إذا انتهى منتهاه قبل أن يأخذ في النقصان . وقال أبو عبيدة : الأَشُدُّ : لا واحد له منه ؛ فان أُكرهوا على ذلك ، قالوا : شَدَّ ، بمنزلة : ضَبَّ ؛ والجمع : أَضُبُّ . قال ابن الانباري : وقال جماعة من البصريين : واحد الأشُدِّ شُدٌ بضم الشين . وقال بعض البصريين : واحد الأشُدِّ : شِدّةٌ ، كقولهم : نِعمة ، وأنْعُم . وقال بعض أهل اللغة : الأشُدُّ : اسم لا واحد له . وللمفسرين في الأشُد ثمانية أقوال . أحدها : أنه ثلاث وثلاثون سنة ، رواه ابن جبير عن ابن عباس . والثاني : ما بين ثماني عشرة إلى ثلاثين سنة ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . والثالث : أربعون سنة ، روي عن عائشة عليها السلام . والرابع : ثماني عشرة سنة ، قاله سعيد بن جبير ، ومقاتل . والخامس : خمس وعشرون سنة ، قاله عكرمة . والسادس : أربع وثلاثون سنة ، قاله سفيان الثوري . والسابع : ثلاثون سنة ، قاله السدي . وقال : ثم جاء بعد هذه الآية : { حتى إذا بلغوا النكاح } [ النساء : 6 ] فكأنه يشير إلى النسخ . والثامن : بلوغ الحلم ، قاله زيد بن أسلم ، والشعبي ، ويحيى بن يعمر ، وربيعة ، ومالك بن أنس ، وهو الصحيح . ولا أظن بالذين حكينا عنهم الأقوال التي قبله فسروا هذه الآية بما ذُكر عنهم ، وإنما أظن أن الذين جمعوا التفاسير ، نقلوا هذه الأقوال من تفسير قوله تعالى : { ولما بلغ أشده } [ يوسف : 22والقصص : 14 ] إلى هذا المكان ، وذلك نهاية الأشُدِّ ، وهذا ابتداء تمامه ؛ وليس هذا مثل ذاك . قال ابن جرير : وفي الكلام محذوف ترك ذكره اكتفاءً بدلالة ما ظهر عما حُذف ، لأن المعنى : حتى يبلغ أشده ؛ فإذا بلغ اشده ، فآنستم منه رشداً ، فادفعوا إليه ماله . قال المصنف : إن أراد بما ظهر ما ظهر في هذه الآية ، فليس بصحيح ؛ وإنما استفيد إيناس الرشد والإسلام من آية أخرى ؛ وإنما أُطلق في هذه الآية ما قُيِّد في غيرها ، فحُمل المطلق على المقيد . قوله تعالى : { وأوفوا الكيل } أي : أتموه ولا تنقصوا منه . و { الميزان } أي : وَزْنَ الميزان . والقسط : العدل . { لا نكلِّف نفساً إلا وسعها } أي : مايسعها ، ولا تضيق عنه . قال القاضي أبو يعلى : لما كان الكيل والوزن يتعذر فيهما التحديد بأقل القليل ، كُلّفنا الاجتهاد في التحري ، دون تحقيق الكيل والوزن . قوله تعالى : { وإذا قلتم فاعدلوا } أي : إذا تكلمتم أو شهدتم فقولوا الحق ، ولو كان المشهود له أو عليه ذا قرابة . وعَهْد الله يشتمل على ما عهده إلى الخلق وأوصاهم به ، وعلى ما أوجبه الإنسان على نفسه من نذر وغيره . { ذلكم وصَّاكم به لعلكم تذكرون } أي : لتذَّكَّروه وتأخذوا به . قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو : { تذّكّرون } [ الأنعام : 153 ] و { يذّكّرون } [ الانعام : 126 ] و { يذّكّر الإنسان } [ مريم : 67 ] و { أن يذّكّر } [ الفرقان : 62 ] و { ليذّكّروا } [ الإسراء : 41 ] مشدّداً ذلك كلُّه . وقرأ نافع ، وأبو بكر عن عاصم ، وابن عامر كل ذلك بالتشديد إلا قوله : { أوَلا يذَّكَّر الإنسانُ } [ مريم : 67 ] فانهم خففوه . روى أبان ، وحفص عن عاصم : « يذكرون » خفيفة الذال في جميع القرآن . قرأ حمزة ، والكسائي : « يذّكّرون » مشدداً إذا كان بالياء ، ومخففاً إذا كان بالتاء .